( الفرق الثامن والخمسون بين ) اشتركت القاعدتان في أنهما طلب من القلب غير أن الحسد تمني زوال النعمة عن الغير ، والغبطة تمني حصول مثلها من غير تعرض لطلب زوالها عن صاحبها ثم الحسد حسدان تمني زوال النعمة وحصولها للحاسد وتمني زوالها من غير أن يطلب حصولها للحاسد ، وهو شر الحاسدين ؛ لأنه طلب المفسدة الصرفة من غير معارض عادي أو طبيعي ثم حكم الحسد في الشريعة التحريم ، وحكم الغبطة الإباحة لعدم تعلقه بمفسدة ألبتة ، ودليل تحريم الحسد الكتاب والسنة والإجماع [ ص: 225 ] فالكتاب قوله تعالى { قاعدة الحسد وقاعد الغبطة ومن شر حاسد إذا حسد } أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله وقوله تعالى { ، ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض } أي لا تتمنوا زواله ؛ لأن قرينة النهي دالة على هذا الحذف ، وأما السنة فقوله : صلى الله عليه وسلم { } أي لا غبطة إلا في هاتين على وجه المبالغة ، وقال عليه السلام { ولا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وأطراف النهار ، ورجل آتاه الله - تعالى - مالا فهو ينفقه آناء الليل وأطراف النهار } وأجمعت الأمة على تحريمه وقد يعبر عن الغبطة بلفظ الحسد كالحديث المتقدم ، ويقال : إن الحسد أول معصية عصي الله بها في الأرض حسد إبليس لا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا آدم فلم يسجد له
[ ص: 225 - 226 ]