( المسألة الثامنة ) . الشرط ينقسم إلى ما لا يقع إلا دفعة كالنية وإلى ما لا يقع إلا متدرجا كالحول وقراءة السورة وإلى ما يقبل الأمرين كإعطاء عشرة دراهم
قال الإمام فخر الدين في كتابه المحصول : فإن كان الشرط وجود هذه الحقائق اعتبر من الأول والثالث اجتماع أجزائه ووجودها في زمن واحد لإمكان ذلك واعتبر من الثاني وجود آخر أجزائه لأنه الممكن فيه أما وجود الحقيقة بجملة أجزائها فذلك مستحيل وإن كان الشرط عدم هذه الحقائق اعتبره من الجميع أول أزمنة العدم لصدق العدم حينئذ على الجميع ويرد عليه سؤالان : الأول أن القائل إن أعطيتني عشرة دراهم فأنت حر لا فرق في العرف بين أن يعطيها مجموعة أو درهما بعد درهم والأيمان محمولة على العرف فاشتراطه اجتماع الجميع [ ص: 103 ] في زمن واحد غير لازم بل يعد أهل العرف والعادة أن من أعطى كل يوم درهما فأعطى عشرة في عشرة أياما أنه معط لعشرة ويصدق ذلك أيضا لغة فإن مسمى إعطائه العشرة أعم من كونه بصفة الاجتماع والافتراق الثاني أن جعل عدمها شرطا تارة يكون بلم وتارة يكون بلما الموضوعين لنفي الماضي أو بما وليس الموضوعين لنفي الحال أو بلا ولن الموضوعين لنفي المستقبل فنسلم له الاقتصار على مسمى العدم في الأربعة الأول أما لا ولن فقد نص وغيره على أنهما موضوعان لعموم نفي المستقبل وأن لن أبلغ في عموم النفي للمستقبل فإذا قلنا { سيبويه : لا يموت فيها ولا يحيى } وقول الله تبارك وتعالى { لن تراني } عام في سلب الموت والحياة والرؤية في جميع أزمنة الاستقبال فإن جعل المعلق للشرط عدمها بصيغة لن أو لا كان الشرط استغراق العدم لجميع أزمنة العمر أو الزمان الذي عينه المعلق لا مطلق العدم في مطلق الزمان خلافا له فتخرج لا ولن عن دعواه مع أن لم تستعمل في العرف لذلك فإذا قال : إن لم تقرأ سورة البقرة في هذه السنة فأنت مذموم لا يفهم منه استيعاب العدم لجميع أجزاء السنة حتى لو قرأها في آخر السنة صدق حصول قراءتها ولم يكن الشرط متحققا .