ومن سورة إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها روى أبو ظبيان عن قال : " غدوة وعشية " . ابن عباس
وروى عن سعيد بن جبير قال : " هي النخلة تطعم في كل ستة أشهر " ، وكذلك روي عن ابن عباس مجاهد وعامر . وعكرمة
وروى الليث بن سعد وسليمان بن أبي كثير عن قال : " أرى الحين سنة " ، وكذلك روي عن علي الحكم وحماد من قولهما ، وكذلك روي [ ص: 400 ] عن في رواية من قوله وقال عكرمة : " الحين شهران ، من حين تصرم النخل إلى أن تطلع " ، وروي عنه أن النخلة لا تكون فيها أكلها إلا شهرين ، وروي عنه أن الحين ستة أشهر . سعيد بن المسيب
وروى القاسم بن عبد الله عن عن أبي حازم أنه سئل عن الحين فقال : ابن عباس تؤتي أكلها كل حين ستة أشهر ، ليسجننه حتى حين ثلاث عشرة سنة ، ولتعلمن نبأه بعد حين يوم القيامة . وروى عن هشام بن حسان أن عكرمة ، فأتى رجلا قال : إن فعلت كذا وكذا إلى حين فغلامه حر فسأله ، فسألني عنها فقلت : إن من الحين حين لا يدرك قوله : عمر بن عبد العزيز وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين فأرى أن يمسك ما بين صرام النخل إلى حملها فكأنه أعجبه .
وروى عن عبد الرزاق عن معمر : الحسن تؤتي أكلها كل حين قال : " ما بين ستة الأشهر أو السبعة " . قال : الحين اسم يقع على وقت مبهم ، وجائز أن يراد به وقت مقدر ، قال الله تعالى : أبو بكر فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ثم قال : وحين تظهرون فهذا على وقت صلاة الفجر ووقت الظهر ووقت المغرب على اختلاف فيه ؛ لأنه قد أريد به فعل الصلاة المفروضة في هذه الأوقات ، فصار " حين " في هذا الموضع اسما لأوقات هذه الصلوات . ويشبه أن يكون في الرواية التي رويت عنه في الحين أنه غدوة وعشية ذهب إلى معنى قوله تعالى : ابن عباس حين تمسون وحين تصبحون ويطلق ويراد به أقصر الأوقات ، كقوله تعالى : وسوف يعلمون حين يرون العذاب وهذا على وقت الرؤية وهو وقت قصير غير ممتد . ويطلق ويراد به أربعون سنة ؛ لأنه روي في تأويل قوله تعالى : هل أتى على الإنسان حين من الدهر أنه أراد أربعين سنة ، والسنة والستة الأشهر والثلاث عشرة سنة والشهران على ما ذكرنا من تأويل السلف للآية كله محتمل فلما كان ذلك كذلك ثبت أن الحين اسم يقع على وقت مبهم وعلى أقصر الأوقات وعلى مدد معلومة بحسب قصد المتكلم . ثم قال أصحابنا ؛ وذلك لأنه معلوم أنه لم يرد به أقصر الأوقات ، إذ كان هذا القدر من الأوقات لا يحلف عليه في العادة ، ومعلوم أنه لم يرد به أربعين سنة ؛ لأن من أراد الحلف على أربعين سنة حلف على التأبيد من غير توقيت . ثم كان قوله تعالى : فيمن حلف أن لا يكلم فلانا حينا أنه على ستة أشهر تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها لما اختلف السلف فيه على ما وصفنا كان أقصر الأوقات فيه ستة أشهر ؛ لأن من حين الصرام إلى وقت أوان الطلع ستة أشهر ، وهو أولى من اعتبار [ ص: 401 ] السنة ؛ لأن وقت الثمرة لا يمتد سنة بل ينقطع حتى لا يكون فيه شيء ، وإذا اعتبرنا ستة أشهر كان موافقا لظاهر اللفظ في أنها تطعم ستة أشهر وتنقطع ستة أشهر . وأما الشهران فلا معنى لاعتبار من اعتبرهما ؛ لأنه معلوم أن من وقت الصرام إلى وقت خروج الطلع أكثر من شهرين ، فإن اعتبر بقاء الثمرة شهرين فإنا قد علمنا أن من وقت خروج الطلع إلى وقت الصرام أكثر من شهرين أيضا ، فلما بطل اعتبار السنة واعتبار الشهرين بما وصفنا ثبت أن اعتبار الستة الأشهر أولى . آخر سورة إبراهيم عليه السلام .
تم الجزء الرابع ويليه الجزء الخامس وأوله سورة النحل