قوله تعالى : وأحصوا العدة يعني والله أعلم بقوله تعالى : العدة التي أوجبها الله والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وبقوله : واللائي يئسن من المحيض إلى قوله : واللائي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
؛ لأن جميع ذلك عدد للمطلقات على حسب اختلاف الأحوال المذكورة لهن ؛ فيكون إحصاؤها لمعان ، أحدها : لما يريد من رجعة وإمساك أو تسريح وفراق . والثاني : مراعاة حالها في بقائها على الحال التي طلقت عليها من غير حدوث حال يوجب انتقال عدتها إليها . والثالث : لكي إذا بانت يشهد على فراقها ويتزوج من النساء غيرها ممن لم يكن يجوز له جمعها إليها ولئلا يخرجها من بيتها قبل انقضائها
وذكر بعض من صنف في أحكام القرآن أن وأصحابه يقولون : " إن أبا حنيفة واحدة ، وأن من طلاق السنة أيضا إذا أراد أن يطلقها ثلاثا طلقها عند كل طهر تطليقة ؛ فذكروا أن الأول هو السنة والثاني أيضا سنة ؛ فكيف يكون شيء وخلافه سنة ولو جاز ذلك لجاز أن يكون حراما حلالا ، ولو قال : إن الثاني رخصة كان أشبه " قال طلاق السنة : وهذا كلام من لا تعلق له بمعرفة أصول العبادات وما يجوز وروده منها مما لا يجوز ، ولا يمنع أحد من أهل العلم جواز ورود العبادة بمثله ؛ إذ جائز أن يكون السنة في الطلاق أن يخير بين إيقاع الواحدة في طهر والاقتصار عليها وبين أن يطلق بعدها في الطهر الثاني والثالث ، وجميع ذلك مندوب إليه ، ويكون مع ذلك أحد الوجهين أحسن من الآخر كما قال تعالى : أبو بكر والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن ثم قال : وأن يستعففن خير لهن وخير الله الحانث في يمينه بين أحد أشياء ثلاثة وأيها فعل كان فرضه وقوله : " ولو جاز ذلك لجاز أن يكون حلالا حراما " يوجب نفي التخيير في شيء من السنن والفروض كما امتنع أن يكون شيء واحد حراما حلالا ؛ وعوار هذا القول وفساده أظهر من أن يحتاج إلى الإطناب في الرد على قائله وروي نحو قولنا بعينه عن وجماعة من التابعين . ابن مسعود