ثم أشار إلى الركن الثاني بقوله مما يفتقر استباحته إلى طهارة كطواف وسجدة تلاوة وشكر وحمل مصحف ، وكلامه هنا في صحة التيمم من حيث الجملة ، أما ما يستبيحه به فسيأتي ، ولا فرق بين أن يعين الحدث أم لا حتى لو ( ونية استباحة الصلاة ) ونحوها لأن موجبهما متحد ، بخلاف ما إذا كان متعمدا فإنه يضر لتلاعبه ، فلو كان مسافرا وأجنب فيه ونسي وكان يتيمم وقتا ويتوضأ وقتا أعاد صلاة الوضوء فقط لما ذكر ( لا ) نية ( رفع الحدث ) أصغر كان أو أكبر أو الطهارة عن أحدهما فلا تكفي لأن التيمم لا يرفعه لبطلانه بزوال مقتضيه ، { تيمم بنية الاستباحة ظانا كون حدثه أصغر فتبين أنه أكبر أو بالعكس لم يضر وقد تيمم عن الجنابة من شدة [ ص: 297 ] البرد يا لعمرو بن العاص عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب } وشمل كلامه ما لو كان مع التيمم غسل بعض الأعضاء وإن قال بعضهم : إنه يرفعه حينئذ . ولقوله صلى الله عليه وسلم
قال الكمال ابن أبي شريف : فإن قيل الحدث الذي ينوي رفعه هو المنع والمنع يرتفع بالتيمم ، قلنا : الحدث منع متعلقه كل صلاة فريضة كانت أو نافلة وكل طواف فرضا كان أو نفلا وغير ذلك مما ذكر معه ، لأنه الذي يترتب على أحد الأسباب ، وهذا المنع العام المتعلق لا يرتفع بالتيمم إنما يرتفع به منع خاص المتعلق وهو المنع من النوافل فقط ، أو من فريضة واحدة وما يستباح معها والخاص غير العام ، ويؤخذ من هذا أنه لو نوى رفع الحدث الخاص صح وهو كذلك كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ( ولو ) ( لم يكف في الأصح ) بخلاف نظيره في الوضوء لأن التيمم إنما يؤتى به عن ضرورة فلا يصلح مقصدا ، ولهذا لا يندب تجديده بخلاف الوضوء . ( نوى فرض التيمم ) أو فرض الطهر أو التيمم المفروض
نعم إن تيمم ندبا كأن تيمم للجمعة عند تعذر غسله أجزأته نية التيمم بدل الغسل كما بحثه الشيخ .
والثاني يكفي قياسا على الوضوء وفرق الأول بما تقدم .
لا يقال : لم لم تصح [ ص: 298 ] نية التيمم أو فرضه مع أنه إنما نوى الواقع .
لأنا نقول : ممنوع بإطلاقه ، لأنه وإن نواه من وجه نوى خلافه من وجه آخر ، لأن تركه نية الاستباحة وعدوله إلى نية التيمم أو نية فرضيته ظاهر في أنه عبادة مقصودة في نفسها من غير تقييد بالضرورة وهذا خلاف الواقع .
ويؤخذ مما تقرر أنه لو نوى فرضية الإبدال لا الأصول صح ، ويوجه بأنه الآن نوى الواقع من كل وجه فلم يكن للإبطال وجه ( ويجب قرنها ) أي النية ( بالنقل ) الحاصل بالضرب إلى وجهه إذ هو أول الأركان ( وكذا ) يجب ( استدامتها إلى مسح شيء من الوجه على الصحيح ) فلو عزبت قبل المسح لم يكف إذ النقل وإن كان ركنا غير مقصود في نفسه قال في المهمات : والمتجه الاكتفاء باستحضارها عندهما وإن عزبت بينهما ، واستشهد له بكلام لأبي خلف الطبري وهو المعتمد ، والتعبير بالاستدامة كما قاله الوالد رحمه الله تعالى جرى على الغالب لأن الزمن يسير لا تعزب النية فيه غالبا حتى إنه لو لم ينو بعد ذلك إلا عند إرادة المسح للوجه أجزأه كما يؤخذ من الفرق المتقدم ، ولا ينافيه قول الأصحاب : يجب قرنها بالنقل على الوجه المعتد به ، وهذا لا يعتد به ، إذ المعتد به الآن هو النقل من اليدين إلى الوجه وقد اقترنت النية به ، ومقابل الصحيح لا تجب الاستدامة كما لو قارنت نية الوضوء أول غسل الوجه ثم انقطعت ، والأول أجاب بما مر .