كتاب الهبة من هب : مر لمرورها من يد إلى أخرى أو استيقظ لتيقظ فاعلها للإحسان والأصل في جوازها بل ندبها بسائر أنواعها الآتي قبل الإجماع الكتاب والسنة ، وورد { } أي بالتشديد من المحبة وقيل بالتخفيف من المحاباة وصح { تهادوا تحابوا } وفي رواية { تهادوا فإن الهدية تذهب بالضغائن } وهو بفتح المهملتين [ ص: 405 ] ما فيه من نحو حقد وغيظ ، وسيأتي في كتاب القضاء حكم هدية أرباب الولايات والعمال وما يتعلق بها ، ويحرم الإهداء على من غلب على ظنه صرف ما يأخذه في معصية ( التمليك ) لعين أو دين بتفصيله الآتي أو منفعة على ما يأتي ( بلا عوض هبة ) بالمعنى الأعم الشامل للهدية والصدقة وقسيمهما ومن ثم قدم الحد على خلاف الغالب ، وهذا هو الذي ينصرف إليه لفظ الهبة عند الإطلاق ، ويعلم مما يأتي في الأيمان عند التأمل عدم منافاته لما ذكر هنا فخرج بالتمليك الضيافة والعارية فإنهما إباحة والملك يحصل بعده ، والوقف فإنه تمليك منفعة لا عين على ما قيل ، والأوجه أنه لا تمليك فيه وإنما هو بمنزلة الإباحة كما صرح بذلك فإن الهدية تذهب وحر الصدر السبكي فقال لا حاجة للاحتراز عن الوقف فإن المنافع لم يملكها الموقوف عليه بتمليك الواقف بل بتسليمه من جهة الله تعالى ، ولا تخرج لغني فإنه فيه تمليكا ، وإنما الممتنع عليه نحو البيع كالهبة بثواب وزيد في الحد في الحياة لإخراج نحو الوصية فإن التمليك فيها إنما يتم بالقبول وهو بعد الموت ، وما اعترض به بعض الشراح ممنوع ، وتطوعا لإخراج نحو الكفارة والنذر والزكاة ، ويرد بمنع التمليك فيها بل هي كوفاء الديون ( فإن ) ( ملك ) شيئا بلا عوض ( محتاجا ) [ ص: 406 ] ولو لم يقصد ثواب الآخرة أو غنيا ( لثواب الآخرة ) أي لأجله ( فصدقة ) أيضا وهي أفضل الثلاثة ( فإن ) وفي نسخ متعددة وإن ، وهي أولى له لدفعها ما اعترض به على الفاء من أن الهدية قسم من الصدقة . الهدية من الأضحية
نعم إيهامه أنه إذا اجتمع النقل والقصد كان صدقة وهدية صحيح ( نقله ) أي المملك بلا عوض ( إلى مكان الموهوب له إكراما ) ليس بقيد كما قاله السبكي ، وإنما ذكر لأنه يلزم غالبا من النقل إلى ذلك ، وقد يقال كما قاله الزركشي احترز به عن الرشوة ( فهدية ) أيضا فلا دخل لها فيما لا ينقل ، ولا يعارضه صحة نذر إهدائه لأن المهدي اصطلاحا غير الهدية وإن زعم بعضهم ترادفهما .