( ويستديرون ) أي المأمومون استحبابا المسجد الحرام ) ( حول إذا صلوا ( في الكعبة ) وإن لم يضق المسجد خلافا للزركشي كما فعله ووقع عليه الإجماع ، ولما فيه من إظهار تميزها على غيرها وتعظيمها والتسوية بين الجميع في توجههم لها ، ويسن أن يقف الإمام خلف المقام للاتباع ، والصف الأول صادق على المستدير حول ابن الزبير الكعبة المتصل بما وراء الإمام وعلى من في غير جهته ، وهو أقرب إلى الكعبة منه حيث لم يفصل بينه وبين الإمام صف ، فقد قالوا : إن الصف الأول هو [ ص: 190 ] الصف الذي يلي الإمام سواء أحالت مقصورة وأعمدة أم لا .
ومما عللت به أفضليته الخشوع لعدم اشتغاله بمن أمامه ، كذا أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ولا يمنع الصف تخلل نحو منبر .
ويعلم مما تقدم في باب استقبال القبلة أنه لو المسجد الحرام لم تصح صلاة من خرج عن سمت وقف صف طويل في أخريات الكعبة لو قرب منها كما ذكر ذلك بعض المتأخرين ، لكن جزما بخلافه ، ولا ينافيه ما مر في فصل الاستقبال من البطلان لأنه محمول على القرب من الكعبة وهذا في حالة البعد عنها ( ولا يضر كونه أقرب إلى الكعبة في غير جهة الإمام في الأصح ) لعدم ظهور مخالفة فاحشة به بخلافه في جهته ، فلو توجه الإمام الركن الذي فيه الحجر مثلا فجهته مجموع جهتي جانبيه [ ص: 191 ] فلا يتقدم عليه المأموم المتوجه له ولا لإحدى جهتيه .
والثاني يضر كما لو كان في جهته ، والأوجه فوات فضيلة الجماعة بهذه الأقربية المذكورة كما لو انفرد عن الصف ، ويدل على ذلك قوة الخلاف ، إذ الخلاف المذهبي أولى بالمراعاة من غيره ، وقد أفتى بفواتها الوالد رحمه الله تعالى ( وكذا ) لا يضر الكعبة ) أي داخلها ( واختلفت جهتاهما ) بأن كان وجهه لوجهه أو ظهره لظهره أو ظهر أحدهما إلى جنبه فتصح وإن كان متقدما عليه حينئذ ، فإن كان وجه الإمام لظهر المأموم ضر كما أفهمه كلام ( لو وقفا ) أي الإمام والمأموم ( في المصنف لتقدمه عليه مع اتحاد جهتهما فلا ترد على عبارته .