( كسجود الصلاة ) في واجباته ومندوباته كوضع الجبهة والطمأنينة والتحامل والتنكيس والافتراش في الجلوس بينهما . قال بعضهم : يستحب أن يقول فيهما : سبحان من لا ينام ولا يسهو وهو لائق بالحال . قال وكيفيتهما الزركشي : إنما يتم إذا لم يتعمد ما يقتضي السجود ، فإن تعمده فليس ذلك [ ص: 89 ] لائقا بالحال بل اللائق الاستغفار ، وسكتوا عن الذكر بينهما ، والظاهر كما قاله الأذرعي أنه كالذكر بين سجدتي صلب الصلاة .
فلو أخل بشرط من شروط السجدة أو الجلوس فظاهر أنه يأتي فيه ما مر في السجدة من أنه إن نوى الإخلال به قبل فعله أو معه وفعله بطلت صلاته ، وإن طرأ له أثناء فعله الإخلال به ، وأنه يترك فتركه فورا لم تبطل ، وعلى هذا الأخير يحمل إطلاق الإسنوي عدم البطلان ; ونوزع فيه بما يرده مما قررناه . وقضية التشبيه عدم وجوب نية سجود السهو ، وفي نزاع كسجود التلاوة في الصلاة . والمعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى وجوب النية في كل منهما : أي على الإمام والمنفرد فيما يظهر لا على المأموم وهي القصد ، وظاهر أنه لا تكبير فيها للتحرم حتى يجب قرنها به ، ووجوب مذكور في كلامهم حتى في مختصر نية سجود السهو التبريزي وكلامهم كالصريح في وجوب النية فيهما حتى في المختصرات ، إذ قولهم سجد للسهو وسجد للتلاوة صريح في أنه لا يتحقق كون السجود لذلك إلا بقصده ، وقد صرحوا بأن نية الصلاة لا تشمل سجود التلاوة ، ودعوى تصريح الأصحاب بعدم وجوب نية سجود السهو ممنوعة .
وأما ما ذكره ابن الرفعة من أن نية سجود التلاوة في الصلاة لا تجب فضعيف ، إلا أن تحمل النية فيه على التحرم .
ومن ادعى أن معنى النية المثبت وجوبها هنا قصد السجود عن خصوص السهو ، والمنفي وجوبها في سجود التلاوة قصده عنها فمطلق قصده يكفي في هذه دون تلك ، وأنه يرد بهذا على من توهم اتحاد النية التي هي مطلق القصد في البابين ، فاعترض الفرق بينهما بأن الصواب وجوبها فيهما إذ لا يتصور الاعتداد بسجوده بلا قصد .
قال : وقول ابن الرفعة لا تجب نية سجدة التلاوة ضعيف ، إلا أن يريد أنه لا يجب فيها تحرم وليس كما زعم بل هو صحيح لما تقرر من معناها هنا المفارق لمعناها ثم فتأمل ذلك فإنه مهم فهو خطأ فاحش . والأوجه بطلانها بالتلفظ بالنية فيها إذ لا ضرورة إلى ذلك ( والجديد أن محله ) أي سجود السهو سواء أكان بزيادة أم نقص أم بهما ( بين تشهده ) وما يتبعه من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله ومن الأذكار بعدها [ ص: 90 ] ( وسلامه ) بأن لا يفصل بينهما شيء من الصلاة ، وهو فائدة تعبير كثير بقبيل ، ولا يضر طول الفصل بينهما بسكوت طويل كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لما مر في خبر أنه صلى الله عليه وسلم أمر به قبل السلام مع الزيادة لقوله عقبه فإن كان صلى خمسا ، ولما نقل عن مسلم الزهري أن السجود قبل السلام آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه وسلم ولأنه لمصلحة الصلاة فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة منها ، وأجابوا عن سجوده بعده في خبر ذي اليدين بحمله على أنه لم يكن عن قصد مع أنه لم يرد لبيان حكم السجود . والخلاف في الجواز لا في الفضيلة خلافاللماوردي ومن تبعه . ومقابل الجديد قديمان : أحدهما أنه إن سها بنقص سجد قبل السلام أو بزيادة فبعده .
والثاني أنه مخير بين التقديم والتأخير لثبوت الأمرين ، وسيأتي في الجمعة أن المستخلف لمن عليه سجود سهو يسجد هو والمأمومون آخر صلاة الإمام ثم يقوم هو لما عليه ويسجد آخر صلاة نفسه أيضا ، ولا يرد هنا إذ سجوده في مسألتنا لمحض المتابعة كما في المسبوق ، ويظهر أنه لو سجد للسهو قبل صلاته على الآل ثم أتى بها وبالمأثور حصل أصل سنة السجود وامتنع عليه إعادته ، ولو أعاد التشهد بعده فهل تبطل لإحداثه جلوسا لانقطاع جلوس تشهده بسجوده وليس في محله أو لا ؟ الأوجه عدم بطلانها ، وما علل به ممنوع ; لأن عدم ذلك التخلل إنما هو مستحب لا واجب كما صرح به الجلال البلقيني وغيره وعلى الجديد ( فإن سلم عمدا ) بأن علم حال سلامه أن عليه سجود سهو ( فات ) السجود ، وإن قرب الفصل ( في الأصح ) لقطعه له بسلامه ( أو سهوا ) أو جهلا أنه عليه ثم علم فيما يظهر ( وطال الفصل ) عرفا ( فات في الجديد ) لتعذر البناء بالطول كما لو مشى على نجاسة أو أتى بفعل أو كلام كثير ، ومقابل الأصح لا إن قرب الفصل كما لو سلم ناسيا والقديم لا يفوت ; لأنه جبران عبادة فيجوز أن يتراخى عنها كجبرانات الحج ( وإلا ) أي وإن لم يطل الفصل ( فلا ) يفوت ( على النص ) لعذره ولأنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا فقيل له فسجد للسهو بعد السلام . متفق عليه .
وقيل يفوت ; لأن السلام ركن وقع في محله فلا يعود إلى سنة شرعت قبله ، ومحله ما لم يطرأ مانع بعد السلام وإلا حرم ، كأن خرج وقت الجمعة أو عرض موجب الإتمام [ ص: 91 ] أو رأى متيمم الماء أو انتهت مدة المسح أو أحدث وتطهر على قرب أو شفي دائم الحدث أو تخرق الخف ، وما ذكره جمع متأخرون أن من ذلك ما لو ضاق وقتها وعللوه بإخراجه بعضها عن وقتها مردود بما تقدم من جواز المد حيث شرع فيها وفي الوقت ما يسع جميعها وإن لم يدرك فيه ركعة ، ولهذا صرح البغوي بأنه لو كان لو اقتصر على الأركان أدرك ، ولو أتى بالسنن خرج بعضها أتى بالسنن ، وإن لم تجبر بالسجود .
نعم لمعتن بالأول أن يقول هذه حصل فيها خروج بالتحلل صورة ولا ضرورة مع ضيق الوقت إلى العود فيها ; لأنه يشبه إنشاءها ، وإن كان عائدا بالإرادة ، ولا كذلك مسألة المد لم يحصل فيها صورة خروج بحال ، فإن قيل : كيف يسن هذا مع قولهم المد خلاف الأولى ؟ قلنا : يمكن الجمع بينهما بحمل هذا على ما إذا أوقع ركعة وذاك على ما إذا لم يوقعها ( وإذا سجد ) أي أراد السجود ، وإن لم يشرع فيه بالفعل كما أشعر به كلام الإمام والغزالي وغيرهما وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ( صار عائدا إلى الصلاة في الأصح ) من غير إحرام لتبين عدم خروجه منها ولهذا قال في الخادم : إن الصواب أن معنى قولهم صار عائدا للصلاة ، أنا نتبين بعوده عدم خروجه منها أصلا ; لأنه يستحيل حقيقة الخروج منها ثم العود إليها ، وأن سلامه وقع لغوا لعذره بكونه لم يأت به إلا لنسيانه ما عليه من السهو فيعيده وجوبا وتبطل صلاته بنحو حدثه ، ويلزمه الظهر بخروج وقت الجمعة حيث خرج قبل تسليمه ثانيا والإتمام بحدوث موجبه .
ولما قدم أن سجود السهو وإن تعدد سجدتان مع أنه قد يتعدد صورة لا حكما في صور منها المسبوق وخليفة الساهي وقد مر آنفا أشار إلى بعض الصور بقوله ( ولو ) أي الجمعة أو موجب إتمام المقصورة ( أتموا ظهرا وسجدوا ) للسهو ثانيا آخر صلاتهم لبيان كون الأول ليس بآخر الصلاة وأنه وقع لغوا ( ولو ) ( سها إمام الجمعة ) أو المقصورة ( وسجدوا ) للسهو ( فبان ) بعد سجود السهو ( فوتها ) أي السهو ( سجد في الأصح ) ; لأنه زاد سجدتين سهوا يبطل عمدهما . ولو ( ظن سهوا فسجد فبان عدمه ) لم يسجد ثانيا ; لأنه لا يأمن وقوع مثله فربما تسلسل أو سجد لمقتض في ظنه فبان أن المقتضي غيره لم يعده لانجبار الخلل به ولا عبرة بالظن البين خطؤه وضابط هذا أن السهو في سجود السهو لا يقتضي السجود كما مر والسهو به يقتضيه . والثاني لا ; لأن سجود السهو يجبر كل خلل في الصلاة فيجبر نفسه كما يجبره غيره . سجد للسهو ثم سها بنحو كلام
ثم لما أنهى الكلام على سجود السهو شرع يتكلم على سجود التلاوة فقال :