المسألة الثالثة : التفرق المنهي عنه يحتمل ثلاثة أوجه : الأول : التفرق في العقائد لقوله تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }
الثاني : قوله عليه السلام : { } ، ويعضده قوله تعالى : { لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا }
الثالث : ترك التخطئة في الفروع والتبري فيها ، وليمض كل أحد على اجتهاده ; فإن الكل بحبل الله معتصم ، وبدليله عامل ; وقد قال صلى الله عليه وسلم : { بني قريظة } ; فمنهم من حضرت العصر فأخرها حتى بلغ لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة أخذا بظاهر قول النبي صلى الله عليه وسلم . ومنهم من قال : لم يرد هذا منا يعني وإنما أراد الاستعجال فلم يعنف النبي عليه السلام أحدا منهم .
[ ص: 382 ] والحكمة في ذلك أن إنما هو المؤدي إلى الفتنة والتعصب وتشتيت الجماعة ; فأما الاختلاف والتفرق المنهي عنه فهو من محاسن الشريعة . قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الاختلاف في الفروع } . وروي أن له إن أصاب عشرة أجور . إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران ، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد