[ ص: 379 ] سورة الزلزلة اختلف العلماء في هذه السورة ; فمنهم من قال : [ إنها مكية ، ومنهم من قال ] : إنها مدنية : وفضلها كثير ، وتحتوي على عظيم ; قال إبراهيم التميمي : لقد أدركت سبعين شيخا في مسجدنا هذا ، أصغرهم الحارث بن سويد ، وسمعته يقرأ : { إذا زلزلت الأرض } ، حتى إذا بلغ إلى قوله : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } بكى ثم قال : إن هذه لإحكام شديد .
ولقد روى العلماء الأثبات أن { وأبو بكر يأكل ; فأمسك ; فقال ; يا رسول الله ; أوإنا لنرى ما عملنا من خير وشر ؟ قال : أرأيت ما تكره فهو مثاقيل ذر الشر ، ويدخر لكم مثاقيل ذر الخير حتى تعطوه يوم القيامة } . هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم
قال أبو إدريس : إن مصداقه من كتاب الله : { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } .
وروى القاضي أبو إسحاق أن { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } قال : حسبي . قال النبي صلى الله عليه وسلم : دعوه ، فإنه قد فقه } . النبي صلى الله عليه وسلم دفع رجلا إلى رجل يعلمه حتى إذا بلغ : {
وروى أنه قال : لقد أنزل الله على كعب الأحبار محمد آيتين أحصتا ما في التوراة والإنجيل ألا تجدون : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } قال جلساؤه : بلى . قال : فإنهما قد أحصتا ما في التوراة والإنجيل . وذكر الحديث .
[ ص: 380 ] وقد تقدم حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : { أبي هريرة } وذكر الحديث إلى قوله : { الخيل ثلاثة : لرجل أجر ، ولرجل ستر ، وعلى رجل وزر فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } } . فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر ، فقال : ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : {
وقد اتفق العلماء على عموم هذه الآية القائلون بالعموم ومن لم يقل به ، وقد بين ما فسرنا به أن الرؤية قد تكون في الدنيا بالبلاء كما تكون في الآخرة بالجزاء ، وقد بينا ذلك في كتاب المشكلين .
قال القاضي : وقد سردنا من القول في هذه السورة ما سردنا ، وحديث هذا قد بيناه في شرح الحديث ، ومن تمامه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الحمر ، وسكت عن البغال ، والجواب فيهما واحد ; لأن البغل والحمار لا كر فيهما ولا فر . فلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ما في الخيل من الأجر الدائم والثواب المستمر سأل السائل عن الحمر لأنهم لم يكن عندهم يومئذ بغل ، ولا دخل الحجاز منها [ شيء ] إلا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم [ الدلدل ] التي أهداها له أبي هريرة المقوقس ، فأفتاه في الحمير بعموم الآية ، وإن في الحمار مثاقيل ذر كثيرة .
وقد بينا في سورة آل عمران وجه هذا الدليل ونوعه ، وأنه من باب القياس أو غيره وتحقيقه في كتب الأصول .