[ ص: 166 ] وفي هذه السنة تحرك صالح بن مسرح أحد بني امرئ القيس ، وكان يرى رأي الصفرية
وقيل: إنه أول من خرج منهم ، وكان صالح هذا ناسكا عابدا ، وله أصحاب يقرئهم القرآن ، ويفقههم ويقص عليهم ، ويقدم الكوفة فيقيم بها الشهر والشهرين ، وكان بأرض الموصل ، وله كلام مستحسن ، وكان إذا فرغ ذكر أبا بكر فأثنى عليهما ، وذكر ما أحدث وعمر عثمان وعلي وتحكيمه الرجال ، فيتبرأ منهما ، ثم يدعو إلى مجاهدة أئمة الضلال ، ويقول: تيسروا للخروج من دار الفناء إلى دار البقاء ، واللحاق بإخواننا المؤمنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة ، ولا تجزعوا من القتل في الله ، فإن القتل أيسر من الموت ، والموت نازل بكم .
فبينا هو كذلك ورد عليه كتاب شبيب يقول فيه: قد كنت دعوتني يا صالح إلى أمر فاستجبت له ، فإن كان ذلك من شأنك فبادر فإنك شيخ المسلمين ، وإن أردت تأخير ذلك فأعلمني ، فإن الآجال غادية ورائحة ، ولا آمن أن تخترمني المنية ولم أجاهد الظالمين ، جعلنا الله وإياك ممن يريد الله بعمله .
فأجابه صالح أني مستعد فأقدم ، فقدم عليه في جماعة من أهله فواعدهم الخروج في صفر سنة ست وسبعين ، ثم قال صالح لأصحابه: اتقوا الله ولا تعجلوا إلى قتال أحد إلا أن يريدوكم؛ فإنكم خرجتم غضبا لله .
وحج صالح في سنة خمس وسبعين ومعه شبيب بن يزيد ، وسويد ، والبطين وأشباههم .