[ذكر ذي الكفل]
اختلفوا هل كان نبيا أم لا على قولين: أحدهما: أنه لم يكن نبيا إنما كان عبدا صالحا . قاله أبو موسى الأشعري ، في آخرين . ثم اختلف هؤلاء في علة تسميته ومجاهد بذي الكفل على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن رجلا كان يصلي كل يوم مائة صلاة فتوفي فكفل هذا بصلاته ، فسمي ذا الكفل . قاله أبو موسى .
والثاني: أنه تكفل للنبي بقومه أن يكفيه أمرهم وتعهد أن يقضي بينهم بالعدل ففعل ، فسمي ذا الكفل . قاله مجاهد .
والثالث: أن ملكا قتل في يوم ثلاثمائة نبي وفر منه مائة نبي ، فكفلهم ذو الكفل يطعمهم ويسقيهم حتى أفلتوا . فسمي ذا الكفل ، قاله ابن السائب .
والقول الثاني: أنه كان نبيا . قاله الحسن وعطاء وأهل الكتاب .
وقد روى الضحاك عن أن ابن عباس ذا الكفل هو يوشع بن نون .
وفي رواية عن قال: كان ابن عباس ، ذو الكفل من أولاد أيوب ، فأرسله الله تعالى داعيا إلى توحيده بالشام .
وقال غيره: هو اليسع بن أخطوب ، وكان قبل داود .
قال وهب: كان بعد اليسع .
قال عطاء: وإنما سمي بذي الكفل؛ لأن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء: إني أريد أن أقبض روحك ، فاعرض ملكك على بني إسرائيل ، فمن تكفل لك بأنه يصلي الليل لا يفتر ، ويصوم النهار لا يفطر ، ويقضي بين الناس فلا يغضب فارفع ملكك إليه ففعل ذلك ، فقام شاب ، فقال: أنا أتكفل لك بهذا ، فكفل به فوفى .
وحكى بعض علماء السير: أنه كان في زمن ذي الكفل جبار من العماليق فدعاه ذو الكفل إلى الإيمان وضمن له الجنة ، فقال: من كفل لي بذلك ، قال: أنا ، وكتب له كتابا تكفل له بالجنة إن هو آمن . فترك الملك ملكه ولحق بالنساك . فلما مات دفن الكتاب معه ، فبعث الله الكتاب إلى ذي الكفل وأخبره أنه وفى الملك بما ضمن له ، فآمن به مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا ، وتكفل لهم بمثل ما تكفل لملكهم ، فسماه الله تعالى ذا [ ص: 389 ] الكفل .
وأقام ذو الكفل عمره بالشام حتى مات وهو ابن خمس وسبعين سنة .