ثم دخلت سنة مائة
فمن الحوادث فيها عمر بالعراق خروج الخارجة التي خرجت على
فكتب إلى عمر بن عبد العزيز عبد الحميد بن عبد الرحمن عامل العراق يأمره أن يدعوهم إلى العمل بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما أعذر في دعائهم [بكتاب الله وسنة نبيه] بعث إليهم عبد الحميد جيشا فهزمتهم الحرورية ، فبلغ عمر فبعث إليهم في جيش من مسلمة بن عبد الملك أهل الشام جهزهم من الرقة ، فكتب إلى عبد الحميد: قد بلغني ما فعل جيشك جيش السوء ، وقد بعثت مسلمة بأهل الشام فلم ينشب أن أظهره الله عز وجل عليهم .
وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى: أن الذي خرج على عبد الحميد بالعراق في خلافة عمر بن عبد العزيز ابن شوذب واسمه بسطام من بني يشكر ، وكان مخرجه [بجوخى] في ثمانين فارسا أكثرهم من ربيعة ، فكتب عمر إلى عبد الحميد ، ألا تحركهم إلا أن يسفكوا دما ، أو يفسدوا في الأرض ، فإن فعلوا فحل بينهم وبين ذلك ، وانظر رجلا حازما ، فوجهه إليهم ووجه معه جندا وأوصه بما أمرتك به . [ ص: 54 ]
فعقد عبد الحميد لمحمد بن جرير بن عبد الله البجلي في ألفين من أهل الكوفة وأمره بما أمر به عمر ، وكتب عمر إلى بسطام يدعوه ويسأله عن مخرجه ، فقدم كتاب عمر عليه ، وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم . إنه بلغني أنك خرجت غضبا لله عز وجل ولنبيه صلى الله عليه وسلم ، ولست بأولى بذلك مني ، فهلم أناظرك ، فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل فيه الناس ، وإن كان في يدك نظرنا في أمرك .
فلم يحرك بسطام شيئا ، وكتب إلى عمر: قد أنصفت ، وقد بعثت إليك برجلين يناظرانك ، فدخلا عليه فقالا: أخبرنا عن يزيد لم تعده خليفة بعدك؟ قال: صيره غيري ، قالا: أفرأيت لو وليت مالا لغيرك ، ثم وكلته إلى غير مأمون عليه ، أتراك كنت أديت الأمانة إلى من ائتمنك؟ فقال: أنظراني ثلاثا ، فخرجا من عنده ، وخاف بنو مروان أن يخرج ما في أيديهم من الأموال ، وأن يخلع يزيد ، فدسوا إليه من سقاه سما ، فلم يلبث بعد خروجهما إلا ثلاثا حتى مات رضى الله عنه .