الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
أي : وذمه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فبالغ في ذمه ، وإلا فقد ذمه أكثر العلماء ، وهو مكروه جدا ، فروى nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : التدليس أخو الكذب ، وقال : لأن أزني أحب إلي من أن أدلس . قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : "وهذا من nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة إفراط محمول على المبالغة في الزجر عنه والتنفير" . وقوله : ( دونه التدليس للشيوخ ) أي : ودون القسم الأول . وهذا هو القسم الثاني من أقسام التدليس .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : أمره أخف منه ، و ( أن ) : في أول البيت الثاني مصدرية . والجملة في موضع رفع على أنه بيان للتدليس المذكور ، أو خبر مبتدأ محذوف [ ص: 241 ] تقديره : وهو أن nindex.php?page=treesubj&link=29113_21505يصف المدلس شيخه الذي سمع ذلك الحديث منه بوصف لا يعرف به من اسم ، أو كنية ، أو نسبة إلى قبيلة ، أو بلد ، أو صنعة أو نحو ذلك ، كي يوعر الطريق إلى معرفة السامع له ، كقول أبي بكر بن مجاهد أحد أئمة القراء : حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله ، يريد به : عبد الله بن أبي داود السجستاني ، ونحو ذلك . قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وفيه تضييع للمروي عنه . قلت : وللمروي أيضا بأن لا يتنبه له فيصير بعض رواته مجهولا .
ويختلف الحال في كراهة هذا القسم باختلاف المقصد الحامل على ذلك . فشر ذلك : إذا كان الحامل على ذلك كون المروي عنه ضعيفا ، فيدلسه حتى لا تظهر روايته عن الضعفاء . وقد يكون الحامل على ذلك كون المروي عنه صغيرا في السن ، أو تأخرت وفاته ، وشاركه فيه من هو دونه . وقد يكون الحامل على ذلك إيهام كثرة الشيوخ بأن يروي عن الشيخ الواحد في مواضع ، يعرفه في موضع بصفة ، وفي موضع آخر بصفة أخرى يوهم أنه غيره . وممن يفعل ذلك كثيرا nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب ، فقد كان لهجا به في تصانيفه .
ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح حكم من عرف بهذا القسم الثاني من التدليس . وقد جزم ابن الصباغ في " العدة " بأن من فعل ذلك; لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس ، [ ص: 242 ] وإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره ، يجب أن لا يقبل خبره ، وإن كان هو يعتقد منه الثقة فقد غلط في ذلك; لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه هو ، فإن كان لصغر سنه ، فيكون ذلك رواية عن مجهول ، لا يجب قبول خبره حتى يعرف من روى عنه .
وقوله : ( واستصغارا ) ، منصوب بكان المحذوفة ، أي : ويكون استصغارا وإيهاما للكثرة ، وقوله : ( وكالخطيب ) أي : وكفعل nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب .
وقوله : ( والشافعي أثبته ) أي : أصل التدليس لا هذا القسم الثاني منه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين ، قد أجراه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه ، فيمن عرفناه دلس مرة . وممن حكاه عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في “ المدخل “ .
وقوله : ( قلت : وشرها أخو التسوية ) . هذا هو القسم الثالث من أقسام التدليس الذي لم يذكره nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح - وهو nindex.php?page=treesubj&link=29113_21507_21505تدليس التسوية - وصورته أن يروي حديثا عن شيخ ثقة ، وذلك الثقة يرويه عن ضعيف عن ثقة ، فيأتي المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول ، فيسقط الذي في السند ، ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني ، بلفظ محتمل ، فيستوي الإسناد ، كله ثقات . وهذا شر أقسام التدليس; [ ص: 243 ] لأن الثقة الأول قد لا يكون معروفا بالتدليس ، ويجده الواقف على السند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيحكم له بالصحة ، وفي هذا غرور شديد . وممن نقل عنه أنه كان يفعل ذلك : nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد ، nindex.php?page=showalam&ids=15500والوليد بن مسلم . أما nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم في كتاب " العلل " : سمعت أبي ، وذكر الحديث الذي رواه nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ، حدثني أبو وهب الأسدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر حديث : " لا تحمدوا إسلام المرء حتى تعرفوا عقدة رأيه " . فقال أبي : هذا الحديث له أمر قل من يفهمه ، روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو ، عن إسحاق بن أبي فروة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وعبيد الله بن عمرو كنيته أبو وهب وهو أسدي . فكناه بقية ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن له . حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدى له . - قال - : وكان بقية من أفعل الناس لهذا .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم فقال أبو مسهر : كان nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم يحدث بأحاديث nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن الكذابين ، ثم يدلسها عنهم . وقال صالح جزرة : سمعت الهيثم بن [ ص: 244 ] خارجة يقول : قلت nindex.php?page=showalam&ids=15500للوليد بن مسلم : قد أفسدت حديث nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي . قال : كيف ؟ قلت : تروي عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن يحيى بن سعيد وغيرك يدخل بين nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي وبين nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع ، عبد الله بن عامر الأسلمي وبينه وبين nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري إبراهيم بن مرة وقرة ، قال : أنبل nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أن يروي عن مثل هؤلاء . قلت : فإذا روى عن هؤلاء - وهم ضعفاء - أحاديث مناكير فأسقطتهم أنت وصيرتها من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن الثقات; ضعف nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، فلم يلتفت إلى قولي . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عن الوليد أيضا هذا النوع من التدليس . قال nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب :
وكان nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وبقية ، يفعلون مثل هذا . وقد سماه nindex.php?page=showalam&ids=17293ابن [ ص: 245 ] القطان وغير واحد تدليس التسوية . قال العلائي في المراسيل : "وبالجملة فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقا وشرها" .