( ) أوصاف تضمنها قوله ( مسلم حر مكلف عدل ذو مروءة غير متهم ) ناطق غير محجور عليه بسفه متيقظ فلا تقبل شهادة أضداد هؤلاء ككافر ولو على مثله لأنه أخس الفساق ، وأما خبر { شرط الشاهد لا تقبل شهادة أهل دين على غير دينهم إلا المسلمين فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم } فضعيف وقوله تعالى { أو آخران من غيركم } أي غير عشيرتكم أو منسوخ بقوله تعالى { وأشهدوا ذوي عدل منكم } ولا من فيه رق لنقصه ومن ثم لم يتأهل لولاية مطلقا ولا صبي ومجنون بالإجماع ولا فاسق لهذه الآية وقوله { ممن ترضون من الشهداء } وهو ليس بعدل ولا مرضي ، وما اختاره جمع كالأذرعي والغزي تبعا لبعض المالكية أنه إذا فقدت العدالة وعم الفسق قضى الحاكم بشهادة الأمثل فالأمثل للضرورة مردود كما قاله ابن عبد السلام بأن مصلحته يعارضها مفسدة المشهود عليه ، ولا غير ذي مروءة لأنه لا حياء له ومن لا حياء له يصنع ما شاء لخبر صحيح { } وسيأتي تفسير المروءة ، ولا متهم لقوله تعالى ذلك أدنى أن لا ترتابوا والريبة حاصلة بالمتهم ، ولا أخرس وإن فهم إشارته كل أحد إذ لا يخلو عن احتمال ، ولا محجور سفه لنقصه . إذا لم تستح فاصنع ما شئت
وما اعترض به من أنه لا حاجة لذكره إذ هو إما ناقص عقل أو فاسق فما مر يغني عنه رد بأن نقص [ ص: 293 ] عقله لا يؤدي إلى تسميته مجنونا لأنه مكلف ، ولا مغفل ولا أصم في مسموع ولا أعمى في مبصر كما يأتي ومن التيقظ ضبط ألفاظ المشهود عليه بحروفها من غير زيادة ولا نقص ، ومن ثم كان المتجه عدم جواز الشهادة بالمعنى ، ولا يقاس بالرواية لضيقها ، ولأن المدار هنا على عقيدة الحاكم لا الشاهد فقد يحذف أو يغير ما لا يؤثر عند نفسه ويؤثر عند الحاكم ، نعم يقرب القول بجواز التعبير بأحد المترادفين عن الآخر عند عدم الإيهام كما يشير لذلك قولهم : لو قبل أو قال واحد قال وكلت وقال الآخر قال فوضت إليه لم يقبلا لأن كلا أسند إليه لفظا مغايرا للآخر وكان الغرض أنهما اتفقا على اتحاد اللفظ الصادر منه وإلا فلا مانع أن كلا سمع ما ذكر في مرة ، ويؤيد ذلك قولهم لو شهد له واحد ببيع وآخر بالإقرار به لم يلفقا ، فلو رجع أحدهما وشهد بما شهد به الآخر قبل لأنه يجوز أن يحضر الأمرين ويجري ذلك في قول أحدهما قال القاضي : ثبت عندي طلاق فلانة والآخر ثبت عندي طلاق هذه فلا يكفي ، بخلاف قول واحد ثبت عنده طلاق فلانة وآخر ثبت عنده طلاق هذه وهي تلك فإنه يكفي اتفاقا . قال شاهد وكله أو قال قال وكلته وقال الآخر فوض إليه أو أنابه
وقول الشيخ تبعا للغزي في تلفيق الشهادة ولو شهد واحد بإقراره بأنه وكله في كذا والآخر بإقراره بأنه أذن له في التصرف فيه أو سلطه عليه أو فوضه إليه لفقت الشهادتان لأن النقل بالمعنى كالنقل باللفظ ، بخلاف ما لو شهدا كذلك في العقد أو شهد واحد بأنه قال وكلتك في كذا وآخر بأنه قال سلطتك عليه أو فوضته إليك أو شهد واحد باستيفاء الدين والآخر بالإبراء منه فلا يلفقان انتهى . محمول تعليله المذكور على ما قررناه من جواز التعبير عن المسموع بمرادفه المساوي له من كل وجه لا غير ، ولو شهد له واحد بألف وآخر بألفين ثبت الألف وله الحلف مع الشاهد بالألف الزائد وبه يعلم صحة قول العبادي ولو شهد واحد بأنه وكله ببيع هذا وآخر بأنه وكله ببيع هذا وهذا لفقتا فيه وإن استغربه الهروي ، ولو أخبر الشاهد عدل بما ينافي شهادته جاز له اعتماده إن غلب على ظنه صدقه وإلا فلا كما يؤخذ ذلك من قول الوالد رحمه الله تعالى : لو أخبر الحاكم برجوع الشاهد فإن ظن صدق المخبر توقف عن الحكم وإلا فلا ، ومن شهد [ ص: 294 ] بإقرار مع علمه باطنا بما يخالفه لزمه الإخبار به