ويكره ( مصونا من أذى ) نحو ( حر وبرد ) وريح كريه وغبار ودخان ( لائقا بالوقت ) أي الفصل كمهب الريح وموضع الماء في الصيف والسكن في الشتاء والخضرة في الربيع ، ولم يجعل هذا نفس المصون كما صنعه أصله بل غيره كأنه للإشارة إلى تغايرهما كان الأول لدفع المؤذي والثاني لتحصيل التنزه ودفع المكدر عن النفس ، فاندفع دعوى أن عبارة أصله أحسن ، ومحل ما تقرر عند اتحاد الجنس ، فإن تعدد وحصل زحام اتخذ مجالس بعدد الأجناس ، فلو اجتمع رجال وخناثى ونساء اتخذت ثلاثة مجالس قاله اتخاذ حاجب لا مع زحمة أو في خلوة ابن القاضي ( و ) لائقا بوظيفة ( القضاء ) التي هي أعظم المناصب وأجل المراتب بأن يكون على غاية من الحرمة والجلالة والأبهة ، فيجلس مستقبل القبلة داعيا بالعصمة والتوفيق والتسديد متعمما متطيلسا على محل عال به فرش ووسادة بحيث يتميز بذلك عن غيره وليكون أهيب وإن كان من أهل الزهد والتواضع للحاجة إلى قوة الرهبة والهيبة ، ومن ثم كره جلوسه على غير هذه الهيبة ( لا مسجدا ) أي لا يتخذه مجلسا للحكم فيكره ذلك صونا له عن ارتفاع الأصوات واللغط الواقعين بمجلس الحكم عادة ، وقد يحتاج إلى إحضاره المجانين والصغار والحيض والكفار وإقامة الحد فيه أشد كراهة ، نعم إن اتفقت قضية أو قضايا وقت حضوره فيه لصلاة أو غيرها لم يكره فصلها ، وكذا إن احتاج لجلوسه فيه لعذر من مطر أو غيره ، فإن جلس له فيه مع الكراهة أو عدمها منع الخصوم من الخوض فيه بالمشاتمة ونحوها ويقعدون خارجه ، وينصب من يدخل عليه خصمين خصمين ، [ ص: 254 ] وألحق بالمسجد في ذلك بيته ، وهو محمول على ما لو كان بحيث تحتشم الناس دخوله بأن أعده مع حالة يحتشم الدخول عليه لأجلها أما إذا أعده وأخلاه من نحو عياله وصار بحيث لا يحتشمه أحد من الدخول عليه فلا معنى للكراهة حينئذ .