( فإن تعين ) له واحد بأن لم يصلح غيره ( لزمه ) ولو بمال قدر عليه فاضلا عما يعتبر في الفطرة فيما يظهر ، وسواء في ذلك أخاف الميل أم لا ، علم أن الإمام عالم به ولم يطلبه منه أم لا ، بل عليه الطلب والقبول والتحرز ما أمكنه ، فإن امتنع أجبره الإمام ، وليس مفسقا لأنه غالبا إنما يكون بتأويل ، والأقرب وجوب الطلب وإن ظن عدم الإجابة خلافا ( طلبه ) للأذرعي أخذا من قولهم يجب الأمر بالمعروف وإن علم عدم امتثالهم له ( وإلا ) بأن لم يتعين عليه ( فإن كان غيره أصلح ) ندب للأصلح طلبه وقبوله حيث وثق بنفسه ( وكان ) الأصلح ( يتولاه ) أي يقبله إذا وليه ( فللمفضول القبول ) إذا بذل له بلا طلب وتنعقد توليته كالإمامة العظمى ( وقيل لا ) يجوز له القبول فلا تنعقد توليته وتحرم لخبر البيهقي { والحاكم } وفي رواية { من استعمل عاملا على المسلمين وهو يعلم أن غيره أفضل منه } وخرج بقوله يتولاه غيره فكالعدم ولا يجبر الفاضل هنا . رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله [ ص: 237 ] ورسوله والمؤمنين
ومحل الخلاف حيث لم يتميز المفضول بكونه أطوع للناس أو أقرب للقبول أو أقوى في القيام في الحق أو ألزم لمجلس الحكم وإلا جاز له القبول من غير كراهة وانعقدت ولايته قطعا ( و ) على الأول ( يكره طلبه ) لوجود من هو أولى منه ( وقيل يحرم وإن كان ) غيره ( مثله ) وسئل بلا طلب ( فله القبول ) من غير كراهة ولا يلزمه لأنه قد يقوم به غيره ، نعم يندب له كما قاله البلقيني لأنه من أهله وقد أتاه بلا سؤال فيعان عليه ولو خاف على نفسه لزمه الامتناع كما في الذخائر ورجحه الزركشي ( ويندب ) له ( الطلب ) للقضاء والقبول حيث أمن على نفسه منه كما لا يخفى ( إن كان خاملا ) أي غير مشهور بين الناس بعلم ( يرجو به نشر العلم ) ونفع الناس به ( أو ) كان غير الخامل ( محتاجا إلى الرزق ) من بيت المال على الولاية ، وكذا لو ضاعت حقوق الناس بتولية ظالم أو جاهل فقصد بطلبه أو قبوله تداركها ( وإلا ) بأن لم يوجد أحد هذه الأسباب الثلاثة ( فالأولى تركه ) أي الطلب كالقبول لما فيه من الخطر من غير حاجة ، وهذا هو الحامل لأكثر السلف الصالح على الامتناع منه ( قلت : ويكره ) له الطلب والقبول ( على الصحيح ، والله أعلم ) لورود نهي مخصوص فيه ، وعليه حملت الأخبار المحذرة منه كالخبر الحسن { } كناية عن شدة خطره ، ويحرم من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ، ويتجه حرمة طلبه مباهاة واستعلاء بقصد هذين . الطلب على جاهل وعالم قصد انتقاما أو ارتشاء
ومحل ما تقرر عند فقد قاض متول ، أو كان المتولي جائرا ، فلو كان ثم متول صالح حرم على كل أحد السعي في عزله ولو بأفضل منه ويفسق الطالب ، ولا يؤثر ممن تعين عليه أو ندب له بذله مالا على ذلك لكن الآخذ ظالم ، فلو لم يتعين ولم يندب حرم عليه بذله ابتداء لا دواما لئلا يعزل ، وفي الروضة جواز بذله ليولى أيضا ، ودعوى أنه سبق قلم مردودة ، إذ ذاك بالنسبة لعزوه ما ذكر للروياني [ ص: 238 ] لا بالنسبة للحكم .
ويندب عزله لغير صالح وينفذ العزل وإن حرم على العازل ، والتولية وإن حرم الطلب والقبول مطلقا خشية الفتنة ( والاعتبار في التعين ) السابق ( وعدمه بالناحية ) ويتجه ضبطها بوطنه ودون مسافة العدوى منه بناء على أنه يجب في مسافة كل عدوى نصب قاض فيجرى في التعيين ، وغير ما مر من أحكام التعيين وعدمه في الطلب والقبول في وطنه ودون مسافة العدوى منه دون الزائد لأنه تعذيب لما فيه من هجر الوطن بالكلية ، إذ عمل القضاء لا نهاية له ، بخلاف باقي فروض الكفايات المحوجة إلى السفر كالجهاد وتعلم العلم ، فلو كان ببلد صالحان وولي أحدهما لم يجب على الآخر ذلك في بلد آخر ليس به صالح خلافا لبعض المتأخرين .