( فصل ) في نذر النسك والصدقة والصلاة وغيرها إذا بيت الله تعالى ) مقيدا له بالحرام أو نواه ، ومن ثم كان ذكر بقعة من ( نذر المشي إلى الحرم كدار أبي جهل أو الصفا كذكر البيت الحرام في جميع ما يأتي فيه ( أو إتيانه ) أو الذهاب إليه مثلا ( فالمذهب وجوب إتيانه بحج أو عمرة ) أو بهما وإن نفى ذلك في نذره ، لأن القربة إنما تتم بإتيانه بنسك ، والنذر محمول على واجب الشرع .
والطريق الثاني قولان مبنيان على أن النذر يحمل على واجب الشرع أو على جائزه ، أما إذا ذكر البيت ولم يقيده بذلك ولا نواه فيلغو نذره ، لأن المساجد كلها بيوت له تعالى ، وبحث البلقيني أن من نذر إتيان مسجد البيت الحرام وهو داخل الحرم لا يلزمه شيء لأنه حينئذ بالنسبة له كبقية المساجد وله احتمال آخر ، والأقرب لزوم [ ص: 229 ] النسك هنا أيضا لأن ذكر البيت الحرام أو جزء منه في النذر صار موضوعا شرعا على التزام حج أو عمرة ومن بالحرم يصح نذره لهما فيلزمه هنا أحدهما وإن نذر ذلك وهو في الكعبة أو المسجد حولها ( فإن نذر الإتيان لم يلزمه مشي ) لعدم اقتضائه له فيجوز له الركوب ( وإن ) الحرم أو جزء منه ( أو ) نذر المشي ) إلى فالأظهر وجوب المشي ) من المكان الآتي بيانه إلى الفساد أو الفوات أو فراغ التحللين وإن تأخر رمى بعدهما أو فراغ جميع أركان العمرة ، وله ركوب في خلال النسك في حوائجه الخارجة عنه ، وإنما لزمه المشي في ذلك لأنه التزم جعله وصفا للعبادة كما لو نذر أن يصلي قائما ، وكون الركوب أفضل لا ينافي ذلك لأن المشي قربة مقصودة في نفسها وهذا هو المعتبر في صحته ، وأما انتفاء وجود أفضل من الملتزم فغير شرط اتفاقا فاندفع دعوى التنافي بين كون المشي مقصودا وكونه مفضولا ، وإنما وجب بالمشي دم تمتع كعكسه لأنهما جنسان متغايران فلم يجز أحدهما عن الآخر كذهب عن فضة وعكسه ، ويفرق بين هذا ونذر الصلاة قاعدا حيث أجزأه القيام بأن القيام والقعود من أجزاء الصلاة الملتزمة ، فأجزأ الأعلى عن الأدنى لوقوعه تبعا ، والمشي والركوب خارجان عن ماهية الحج وسببان متغايران إليه مقصودان فلم يقم أحدهما مقام الآخر ، وأيضا ، فالقيام قعود وزيادة فوجد المنذور هنا بزيادة ولا كذلك في الركوب والذهاب مثلا ، ولا يشكل على ذلك قولهم لو نذر شاة أجزأه بدلها بدنة لأن الشارع جعل بعض البدنة مجزئا عن الشاة حتى في نحو الدماء الواجبة فإجزاء كلها أولى ، بخلاف الذهب عن الفضة وعكسه فإنه لم يعهد في نحو الزكاة فلم يجز أحدهما عن الآخر ، ولو أفسد نسكه أو فاته لم يلزمه فيه مشي بل في قضائه إذ هو الواقع عن نذره ( فإن كان قال أحج ) أو أعتمر ( ماشيا ) أو عكسه ( ف ) يلزمه المشي ( من حيث يحرم ) من الميقات أو قبله وكذا من حيث عن له فيما إذا جاوزه غير مريد نسكا ثم عن له ( وإن قال أمشي إلى بيت الله تعالى ) بقيده المار ( ف ) يلزمه المشي مع النسك ( من دويرة أهله في الأصح ) لأن قضيته أن يخرج من [ ص: 230 ] بيته ماشيا والثاني من الميقات لأن المقصود الإتيان بالنسك فيمشي من حيث يحرم ( وإذا أوجبنا المشي فركب لعذر أجزأه ) حجه عن نذره لأمره صلى الله عليه وسلم من عجز بالركوب ( وعليه دم في الأظهر ) { نذر ( أن يحج أو أن يعتمر ماشيا ) أن تركب وتهدي هديا وحملوه على عجزها عقبة بن عامر } ، والثاني لا دم عليه كما لو نذر الصلاة قائما فصلى قاعدا لعجزه ، وفرق الأول بأن الصلاة لا تجبر بالمال بخلاف الحج والدم شاة مجزئة في الأضحية ، والمراد بالعذر أن تلحقه مشقة ظاهرة كنظيره في العجز عن القيام في الصلاة والعجز عن صوم رمضان بالمرض ، وقيد لأنه صلى الله عليه وسلم أمر أخت البلقيني وجوب الدم بما إذا ركب بعد إحرامه مطلقا أو قبله وبعد مجاوزة الميقات مشيا وإلا فلا ، إذ لا خلل في النسك يوجب دما ، واحترز بقوله إذا أوجبنا المشي عما إذا لم نوجبه فلا يجبر تركه بدم ( أو ) ركب ( بلا عذر أجزأه على المشهور ) مع عصيانه لإتيانه بأصل الحج ولم يبق إلا هيئته فصار كما لو ترك الإحرام من الميقات ، والثاني لا يجزئه لأنه لم يأت بما التزمه ( وعليه دم ) على المشهور أيضا كدم التمتع لأنه إذا وجب مع العذر فمع عدمه أولى ، ولو نذر الحفاء لم يلزمه لأنه ليس بقربة ، نعم بحث الإسنوي لزومه فيما يندب فيه كعند دخول مكة .