الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وعدة حرة ذات أقراء ) وإن اختلفت وتطاول ما بينها ( ثلاثة ) أي من الأقراء ، وكذا لو كانت حاملا من زنا إذ حمل الزنا لا حرمة له ، ولو جهل حال الحمل ولم يمكن لحوقه بالزوج حمل على أنه من زنا كما نقلاه وأقراه : أي من حيث صحة نكاحها معه وجواز وطء الزوج لها ، أما من حيث عدم عقوبتها بسببه فيحمل [ ص: 129 ] على أنه من شبهة ، فإن أتت به للإمكان منه لحقه كما اقتضاه إطلاقهم وصرح به البلقيني وغيره ولم ينتف عنه إلا بلعان ، ولو أقرت بأنها من ذوات الأقراء ثم كذبت نفسها وزعمت أنها من ذوات الأشهر لم يقبل لأن قولها الأول يتضمن أن عدتها لا تنقضي بالأشهر فلا يقبل رجوعها فيه ، بخلاف ما لو قالت لا أحيض زمن الرضاع ثم كذبت نفسها وقالت أحيض زمنه فيقبل كما أفتى بجميع ذلك الوالد رحمه الله تعالى لأن الثاني متضمن لدعواها الحيض في زمن إمكانه وهي مقبولة فيه وإن خالفت عادتها ، ولو التحقت حرة ذمية بدار الحرب ثم استرقت كملت عدة حرة في أوجه الوجهين ( والقرء ) بضم أوله وفتحه وهو أكثر مشترك بين الطهر والحيض كما حكي عن إجماع اللغويين لكن المراد هنا ( الطهر ) المحتوش بدمين كما قاله جماعة من الصحابة رضي الله عنهم إذ القرء الجمع وهو في زمن الطهر أظهر ( فإن طلقت طاهرا ) وقد بقي من الطهر لحظة ( انقضت بالطعن في حيضة ثالثة ) لإطلاق القرء على أقل لحظة من الطهر وإن وطئ فيه ولأن إطلاق الثلاثة على اثنين وبعض الثالث شائع كما في { الحج أشهر معلومات } .

                                                                                                                            أما إذا لم يبق منه ذلك كأنت طالق آخر طهرك فلا بد من ثلاثة أقراء كوامل ( أو ) طلقت ( حائضا ) وإن لم يبق من زمن الحيض شيء فتنقضي عدتها بالطعن ( في ) حيضة ( رابعة ) إذ ما بقي من الحيض لا يحسب قرءا قطعا لأن الطهر الأخير إنما يتبين كماله بالشروع فيما يعقبه وهو الحيضة الرابعة ( وفي قول يشترط يوم وليلة ) بعد الطعن في الحيضة الثالثة في الأولى وفي الرابعة في الثانية إذ لا يتحقق كونه دم حيض بدون ذلك ، وعلى هذا فهما ليسا من العدة كزمن الطعن على الأول بل يتبين بهما كمالها فلا تصح فيهما رجعة وينكح نحو أختها وقيل منها وسكت المصنف عن حكم الطلاق في النفاس ، وظاهر كلام الروضة في باب الحيض عدم حسبانه من العدة وهو قضية كلامه أيضا في الحال الثاني في اجتماع عدتين ( وهل يحسب ) زمن ( طهر من لم تحض ) أصلا ( قرءا ) أو لا يحسب ( قولان بناء على أن القرء ) هل هو ( انتقال من طهر إلى حيض ) فيحسب ( أم ) الأفصح أو ( طهر محتوش ) بفتح الواو ( بدمين ) حيضتين أو نفاسين أو حيض ونفاس فلا يحسب .

                                                                                                                            ( والثاني ) من المبني عليه ( أظهر ) فيكون الأظهر في المبني عدم حسبانه قرءا ، فإذا حاضت بعده لم تنقض عدتها إلا بالطعن في الرابعة كمن طلقت [ ص: 130 ] في الحيض ، وذلك لما مر أن في القرء الجمع والدم زمن الطهر ينجمع في الرحم وزمن الحيض ينجمع بعضه ويسترسل بعضه إلى أن يندفع الكل وهنا لا جمع ولا ضم ، ولا ينافي ما رجح هنا ترجيحهم وقوع الطلاق حالا فيما لو قال لمن لم تحض : أنت طالق في كل قرء طلقة لأن القرء اسم للطهر فوقع الطلاق لصدق الاسم وأما الاحتواش هنا فإنما هو شرط لانقضاء العدة ليغلب ظن البراءة

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية