( والصفة ) وليس المراد بها هنا النحوية بل ما يفيد قيدا في غيره ( المتقدمة على جمل ) أو مفردات ومثلوا بها لبيان أن المراد بالجمل ما يعمها ( معطوفة ) لم يتخلل بينها كلام طويل ( تعتبر في الكل كوقفت على محتاجي أولادي وأحفادي ) وهم أولاد الأولاد ( وإخوتي وكذا المتأخرة عليها ) أي عنها ( و ) كذا ( الاستثناء إذا عطف ) في الكل ( بواو كقوله : على أولادي وأحفادي وإخوتي المحتاجين أو إلى أن يفسق بعضهم ) لأن الأصل اشتراك المتعاطفين في جميع المتعلقات من صفة أو حال أو شرط والاستثناء في ذلك مثلها يجامع عدم الاستقلال ومثل الإمام للجمل بوقفت على أولادي داري وحبست على أقاربي ضيعتي وسبلت على خدمي بيتي المحتاجين أو إلا أن يفسق أحد : أي وإن احتاجوا ، واستبعاد الإسنوي رجوع الصفة للكل لأن كل جملة مستقلة بالصيغة فالصفة مع الأولى خاصة مردود بأنها حينئذ كالصفة المتوسطة فإنها ترجع للكل على المنقول المعتمد لأنها متقدمة بالنسبة لما تأخر عنها متأخرة بالنسبة لما تقدمها ، وادعاء ابن العماد أن ما مثل به الإمام خارج عن صورة المسألة لأنه وقوف متعددة ، والكلام في وقف واحد ممنوع إذ ملحظ الرجوع للكل موجود فيه أيضا .
نعم رده بقول الإسنوي إن ما قالاه هنا في الاستثناء مخالف لما ذكراه في الطلاق ظاهر لإمكان الفرق بين ما ذكر في المتوسطة وما اقتضاه كلامهما في عبدي حر إن شاء الله وامرأتي طالق أنه إذا لم ينو عوده [ ص: 386 ] للأخير لا يعود إليه بأن العصمة هنا محققة فلا يزيلها إلا مزيل قوي ومع الاحتمال لا قوة ، وهنا الأصل عدم الاستحقاق فيكفي فيه أدنى دال على أنه سيأتي أن كلامهما ثم محمول على ما إذا قصد بها تخصيص واحد بعينه دون غيره ، وتمثيله أولا بالواو وباشتراطها فيما بعده ليس للتقييد بها ، فالمذهب كما قاله جمع متأخرون أن الفاء وثم كالواو بجامع أن كلا جامع وضعا فيرجع للجميع بخلاف بل ولكن ، وخرج بعدم تخلل كلام طويل ما لو تخلل كوقفت على أولادي على أن من مات منهم وأعقب فنصيبه بين أولاده للذكر مثل حظ الأنثيين وإلا فنصيبه لمن في درجته ، فإذا انقرضوا صرف إلى إخوتي المحتاجين أو إلا أن يفسق أحد منهم فيختص الأخير ، وكلامهما في الطلاق دال على عدم الفرق بين الجمل المتعاطفة وغيرها وإن بحث بعض الشراح الفرق بينهما ، وعلم مما قررناه أن كلا من الصفة والاستثناء راجع للجميع تقدم أو تأخر أو توسط ، والذي يظهر أن المراد بالفسق هنا ارتكاب كبيرة أو إصرار على صغيرة أو صغائر ولم تغلب طاعاته معاصيه وبالعدالة انتفاء ذلك وإن ردت شهادته لخرم مروءة أو تغفل أو نحوهما ، ولو وقف على إخوته لم تدخل أخواته أو زوجته أو أم ولده ما لم تتزوج بطل حقها بتزوجها ولا يعود بعد ذلك وإن تعزبت ، بخلاف نظيره في ابنته الأرملة لأنه أناط استحقاقها بصفة وبالتعزب وجدت وتلك بعدم التزوج وبالتعزب لم ينتف ذلك ولأن له غرضا .
في أن لا تحتاج ابنته وأن لا يخلفه أحد على حليلته .
وأخذ الإسنوي من كلام الرافعي في الطلاق أنه لو لا يستحق لانقطاع الديمومة وهو كذلك ، وما نظر به من الفرق بينهما بأن المدار ثم على الوضع اللغوي الناظر لانقطاع [ ص: 387 ] الديمومة وهنا لا تأثير له بل لا بد من النظر في مقاصد الواقفين كما مر ، ومقصود الواقف هنا ربط الاستحقاق بالفقر وإن تخلله شيء بنفيه غير مسلم لأن المحكوم عليه مدلول الألفاظ لا على المقاصد لعدم اطلاعنا عليها ما لم تقم قرينة تدل على ذلك فالعمل عليها ، ولو وقف أو أوصى للضيف ، [ ص: 388 ] صرف للوارد على ما يقتضيه العرف ولا يزاد على ثلاثة أيام مطلقا ، والأوجه عدم اشتراط الفقر فيه أو وقف جميع أملاكه على كذا ، فالأوجه شموله لجميع ما في ملكه مما يصح وقفه ، وإن أفتى وقف على ولده ما دام فقيرا فاستغنى ثم افتقر الغزالي باختصاصه بالعقار لأنه المتبادر للذهن .