( وليس لغيرهم ) [ ص: 402 ] إلا بإذنهم لتضررهم ، فإن أذنوا جاز ولهم الرجوع ولو بعد الفتح كالعارية ، قال فتح باب إليه للاستطراق الإمام : ولا يغرمون شيئا ، بخلاف ما لو حيث لا يقلع مجانا ، قال أعار أرضا لبناء أو نحوه الرافعي ولم أره لغيره : والقياس عدم الفرق ، وفرق في المطلب بأنه هنا بنى في ملكه ، والمبني باق بحاله لا يزال فلا غرم ، بخلاف البناء على الأرض فإن المعير يقلع فيغرم أرش النقص ، وأوضحه الشيخ بأن الأولى أن يفرق بأن الرجوع هناك يترتب عليه القلع وهو خسارة فلم يجز الرجوع مجانا ، بخلافه هنا لا يترتب عليه خسارة لعدم اقتضائه لزوم سد الباب ، وخسارة فتحه إنما تترتب على الإذن لا على الرجوع مع أن فتحه لا يتوقف على الإذن وإنما المتوقف عليه الاستطراق ( وله فتحه إذا ) لم يستطرق منه سواء ( سمره ) بالتشديد أي ثقبه بالمسمار والتخفيف لغة قاله المطرزي أم لا كما في البيان ( في الأصح ) ; لأن له رفع جميع جداره فبعضه أولى .
والثاني لا ; لأن فتحه يشعر بثبوت حق الاستطراق فيستدل به عليه ، وما صححه تبعا لأصله هو ما صححه في تصحيح التنبيه ، وهو المعتمد وإن قال في زيادة الروضة : إن الأفقه المنع ، فقد قال في المهمات : إن الفتوى على الجواز فقد نقله عن ابن حزم . الشافعي
نعم لو ركب على المفتوح للاستضاءة شباكا أو نحوه جاز جزما كما نقله الإسنوي وغيره عن جمع ( فلشركائه ) أي لكل منهم ( منعه ) إذا كان بابه أبعد من الباب الأول سواء أسد الأول أم لا ; لأن الحق لغيره ، بخلاف من بابه بين المفتوح ورأس الدرب أو مقابل للمفتوح كما في الروضة عن ( ومن له فيه باب ) أو ميزاب ( ففتح آخر أبعد من رأس الدرب ) من بابه الأصلي الإمام وأقره ، قال الإسنوي : وهو ظاهر ، والمراد من هو مقابل الباب الأول كما فهمه السبكي والإسنوي والأذرعي ، ولهذا قال الإسنوي : إن كلام النووي يوهم أن المراد الباب الجديد ، وليس كذلك فإنه لو أريد ذلك لكان المنع متفقا عليه حينئذ ( وإن كان أقرب إلى رأسه ولم يسد ) الباب ( القديم ) أي ولم يترك التطرق منه ( فكذلك ) أي لشركائه منعه ; لأن انضمام الثاني إلى الأول يوجب زحمة ووقوف الدواب في الدرب فيتضررون به ، وقيل يجوز ، واختاره الأذرعي وضعف التوجيه بالزحمة بتصريحهم بأن له جعل داره حماما أو حانوتا مع أن الزحمة ووقوف الدواب في السكة وطرح الأثقال تكثر أضعاف ما كان قد يقع نادرا في فتح باب آخر للدار ا هـ .
ويمكن الجواب بأن موضع فتح الباب لم يكن فيه استحقاق بخلاف جعل داره ما ذكر ( وإن سده ) أي القديم ( فلا منع ) ; لأنه ترك بعض حقه ، ويجوز لمن داره آخر الدرب تقديم بابه فيما يختص به وجعل ما بين الدار وآخر الدرب دهليزا .
قال [ ص: 403 ] الإسنوي : ولو كان فالمتجه أنه يجوز لمن داره بينهما منعه من تقديم باب المتوسطة ، وتفسير له دار بوسط السكة وأخرى بآخرها الشيخ ذلك بقوله إلى آخر السكة ; لأنه وإن كان شريكا في الجميع لكن شركته بسببها إنما هو إليها خاصة ، وقد يبيع لغيره فيستفيد زيادة استطراق صحيح غير أنه لا يتقيد كلام الإسنوي بما فسره به ، ولو كان جاز كما قاله له في سكة قطعة أرض فبناها دورا وفتح لكل واحدة بابا البغوي في فتاويه ( ومن ) أي أراد فتحه ( بينهما ) للاستطراق ( لم يمنع في الأصح ) لاستحقاقه المرور في الدرب ورفع الحائل بين الدارين تصرف في ملكه فلم يمنع حقه ، وما ذكره ( له داران تفتحان إلى دربين مسدودين ) أي مملوكين ( أو مسدود ) أي مملوك ( وشارع ففتح بابا ) المصنف تبعا للرافعي والبغوي هو المعتمد .
والثاني المنع ونقله في الروضة عن العراقيين عن الجمهور وجرى عليه ابن المقري ; لأنه في الأولى يثبت لكل من الدارين استطراقا في الدرب الآخر لم يكن له ، وفي الثانية يثبت للملاصقة للشارع حقا في المسدود لم يكن لها ، وسواء في جريان الخلاف كما اقتضاه كلام المصنف أبقى البابين على حالهما أم سد أحدهما وإن خصه الرافعي بما إذا سد باب أحدهما وفتح الباب لغرض الاستطراق ، وعلم مما قررناه أن مراده بالمسدود المملوك وإلا فالسد لا يلزم منه الملك بدليل ما لو كان في أقصاه مسجد أو نحوه كما مر ، وتفتحان بمثناة فوقية في أوله ; لأن الدار مؤنثة ، وكذا كل فعل كان ضميرا لغائبتين كما في الدقائق ، وقد ورد به السماع في قوله تعالى { عينان تجريان } ، و { أن تزولا } ، و { امرأتين تذودان } قاله أبو حيان وجوز ابن فارس فيه الياء التحتية ( ) أي المالكون بأن لا يكون فيه نحو مسجد ( بمال صح ) ; لأنه انتفاع بالأرض ، بخلاف إشراع الجناح ; لأن الهواء لا يباع منفردا ; لأنه تابع ، فإن وحيث منع فتح الباب فصالحه أهل الدرب لم يصح قطعا ، وحيث صح فإن قدروا للاستطراق مدة كان إجارة ، وإن أطلقوا أو شرطوا التأبيد كان بيع جزء شائع من الدرب له ، وينزل منزلة أحدهم ، كما لو صالحوه على مجرد الفتح بمال فإنه يكون تمليكا لمكان النهر ، بخلاف ما لو صالح رجلا على مال ليجري في أرضه ماء نهر فإنه وإن صح لا يملك شيئا من الدار والسطح ; لأن السكة لا تراد إلا للاستطراق فإثباته فيها يكون نقلا للملك ، وأما الدار والسطح فلا يقصد بهما [ ص: 404 ] الاستطراق وإجراء الماء ، أما إذا كان بالسكة مسجد أو نحوه كدار موقوفة على معين أو غيره فلا يجوز ، إذ البيع لا يتصور في الموقوف وحقوقه ، قاله صالحه بمال على فتح باب من داره أو إجراء ماء على سطحه الأذرعي وابن الرفعة زاد الأول : وأما الإجارة والحالة هذه فيتجه فيها تفصيل لا يخفى على الفقيه استخراجه .