بأن يترك السعي إليها ( بالبيع وغيره ) من سائر العقود والصنائع وغير ذلك ( بعد الشروع في الأذان بين يدي الخطيب ) لقوله تعالى { ( ويحرم على ذي الجمعة ) أي من تلزمه الجمعة ( التشاغل عنها ) إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة } الآية ، وقيس بالبيع نحوه من العقود وغيرها مما مر : أي مما شأنه أن يشغل بجامع التفويت ، وتقييد الأذان بذلك لأنه الذي كان في عهده صلى الله عليه وسلم كما مر فانصرف النداء في الآية إليه ، ولو تبايع اثنان أحدهما تلزمه فقط والآخر لا تلزمه أثم كما قالاه ، بل نص عليه لارتكاب الأول النهي وإعانة الثاني له عليه ، وكما لو لعب شافعي الشطرنج مع حنفي ونصه على تخصيص الإثم الأول محمول على إثم التفويت ، أما إثم المعاونة فعلى الثاني . الشافعي
واستثنى الأذرعي وغيره شراء ماء طهره وشربه المحتاج إليهما وما دعت إليه حاجة الطفل أو المريض إلى شراء دواء أو طعام ونحوهما ، فلا يعصي الولي ولا البائع إذا كانا يدركان الجمعة مع ذلك ، بل يجوز ذلك عند الضرورة وإن فاتت الجمعة في صور منها إطعام المضطر وبيعه ما يأكله وبيع كفن ميت خيف تغيره بالتأخير وفساده ونحو ذلك ، وله البيع ونحوه وهو سائر إليه ، وكذا في الجامع لكنه فيه مكروه ، ولو كان منزله بباب المسجد أو قريبا منه فهل يحرم عليه ذلك أو لا إذا لا تشاغل كالحاضر في المسجد ، كل محتمل ، وكلامهم إلى الأول أقرب ، وهل الاشتغال بالعبادة كالكتابة كالاشتغال بنحو البيع ؟ مقتضى كلامهم نعم ، قال الروياني : لو أراد ولي اليتيم بيع ماله وقت النداء للضرورة وهناك اثنان أحدهما تلزمه الجمعة وبذل دينارا وبذل من لا تلزمه نصف دينار فمن أيهما يبيع ؟ فيه احتمالان : أحدهما من الثاني لئلا يوقع الأول في المعصية . والثاني من ذي الجمعة لأن الذي إليه الإيجاب غير عاص والقبول للطالب وهو عاص ، ويحتمل أن يرخص له في القبول لينتفع اليتيم إذا لم يؤد إلى ترك الجمعة كما رخص للولي في الإيجاب للحاجة ، والأوجه الأول ( فإن باع ) مثلا من حرم عليه البيع ( صح ) بيعه لأن الحرمة لمعنى خارج فلا تبطل العقد كالصلاة في المغصوب وبيع العنب لمن يعلم اتخاذه خمرا وغير البيع ملحق به ذلك .