فصل في أحكام الاستنجاء اعلم أن جميع ما هو مذكور في هذا الفصل من الآداب محمول على الاستحباب إلا والاستنجاء بشروطها الآتية يعبر عنه بالاستنجاء و بالاستطابة وبالاستجمار ، والأولان يعمان الماء والحجر ، [ ص: 130 ] والثالث يختص بالحجر ، وهو من نجوت الشجرة إذا قطعتها ، كأن المستنجي يقطع الأذى عن نفسه وقدم هذا الفصل على الوضوء لأنه يسن تقديمه عليه في حق السليم ، وأخره عنه في الروضة إشارة إلى جواز تأخيره عنه في حق من ذكر ( يقدم داخل الخلاء يساره ) عند إرادة قضاء حاجته ولو بمحل من صحراء بوصوله إليه لأنه يصير مستقذرا بإرادة قضاء الحاجة به كالخلاء الجديد ، ومثل الرجل بدلها في حق فاقدها ( والخارج يمينه ) والمسجد بعكس ذلك ، فيقدم يمينه عند دخوله ويساره عند خروجه تكريما لليمين ، إذ اليسرى للأذى واليمين لغيره . وأخذ الزركشي من ذلك أن ما لا تكرمة فيه ولا إهانة يكون باليمين لكن قضية قول المجموع ما كان من باب التكريم [ ص: 131 ] يبدأ فيه باليمين وخلافه باليسار يقتضي أن يكون فيها باليسار ، ولو خرج من مستقذر لمستقذر أو من مسجد لمسجد فالعبرة بما بدأ به في الأوجه ، ولا نظر إلى تفاوت بقاع المحل شرفا وخسة ، نعم في المسجد والبيت يظهر مراعاة الاستقبال والاستدبار الكعبة عند دخولها والمسجد عند خروجه منها لشرفهما ، وقياس ما تقدم أنه يقدم اليمين في الموضع الذي اختاره للصلاة من الصحراء وهو كذلك ، وكالخلاء فيما تقدم الحمام والمستحم والسوق ومكان المعصية ومثله الصاغة [ ص: 132 ] ( ولا يحمل ذكر الله تعالى ) أي مكتوب ذكره من قرآن أو غيره مما يجوز حمله مع الحدث ويلحق بذلك أسماء الله تعالى وأسماء الأنبياء وإن لم يكن رسولا ، والملائكة سواء عامتهم وخاصتهم ، وكل اسم معظم مختص أو مشترك وقصد به التعظيم أو قامت قرينة قوية على أنه المراد به ، والأوجه أن العبرة بقصد كاتبه [ ص: 133 ] لنفسه وإلا فالمكتوب له لما صح من { محمد رسول الله محمد سطر ورسول سطر والله سطر } قال في المهمات وفي حفظي أنها كانت تقرأ من أسفل ليكون اسم الله تعالى فوق الجميع وشمل ذلك ما لو حمل معه مصحفا فيه فيكره . أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه وكان نقشه
لا يقال : إنه حرام لأنه يلزم منه غالبا حمله مع الحدث .
لأنا نقول : تقدم حكم ذلك وليس الحكم فيه ، نعم يمكن حمل كلام القائل بحرمة ذلك على ما إذا خاف عليه التنجيس ولو لم يغيبه حتى دخل غيبه ندبا بنحو ضم كفه عليه ، ولو تختم في يساره بما عليه معظم وجب نزعه عند الاستنجاء لحرمة تنجيسه كما قاله الإسنوي وغيره ( ويعتمد جالسا يساره ) ناصبا يمناه بأن يضع أصابعها على الأرض ويرفع باقيها تكريما لليمين ولأنه أسهل لخروج الخارج ، ولو بال قائما فرج بينهم واعتمدهما كما قاله الشارح ، خلافا لمن ذهب إلى أنه جرى على الغالب ( ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ) [ ص: 134 ] أدبا في البنيان