ولو الم تنزيل } في صبح يوم الجمعة [ ص: 97 ] بطلت صلاته على المعتمد إن كان عالما بالتحريم فقد قال قرأ في الصلاة آية سجدة أو سورتها بقصد السجود في غير { المصنف : لو أراد أن يقرأ آية أو آيتين فيهما سجدة ليسجد فلم أر فيه كلاما لأصحابنا ، وحكى عن جماعة من السلف أنهم كرهوه ، وعن ابن المنذر وآخرين أنه لا بأس به . أبي حنيفة
ومقتضى مذهبنا أنه إن كان في غير الوقت المنهي عن الصلاة فيه وفي غير الصلاة لم يكره ، وإن كان في الصلاة أو في وقت كراهتها ففيه الوجهان فيمن دخل المسجد في هذه الأوقات لا لغرض صلاة سوى التحية ، والأصح أنه تكره له الصلاة . ا هـ .
فأفاد كلامه أن الكراهة للتحريم وأن الصلاة تبطل بها ، وبه أفتى الوالد رحمه الله تعالى تبعا للشيخ عز الدين بن عبد السلام ; لأن الصلاة منهي عن زيادة سجدة فيها إلا السجود لسبب ، كما أن الأوقات المكروهة منهي عن الصلاة فيها إلا لسبب ، فالقراءة بقصد السجود كتعاطي السبب باختياره في أوقات الكراهة ليفعل الصلاة وقد جرى على كلام النووي جماعات منهم مختصر وكلامه وغيرهم ، وعبارة الأنوار : ولو أراد أن يقرأ آية أو سورة تتضمن سجدة ليسجد ، فإن لم يكن في الصلاة ولا في الأوقات المنهية لم يكره وإن كان فيهما أو في أحدهما فالحكم كما لو دخل في الأوقات المنهية المسجد لا لغرض سوى التحية ، وقد سبق انتهى .
وقضية كلام جوازه ، وظاهر أن الكلام في قراءة غير { القاضي حسين الم } في صبح يوم الجمعة ، فقول البلقيني : إن ما ذكره النووي ممنوع [ ص: 98 ] فإن السنة الثابتة في أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في الصبح في الركعة الأولى { الم تنزيل } فظهر منه أنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك عن قصد ، ولذلك استحب أن يقرأ في الركعة الأولى من صبح يوم الجمعة السورة المذكورة ، ولا بد من قصد السنية ، وذلك يقتضي أنه قرأ السجدة ليسجد فيها مردود بما مر من التعليل وبوجود سببها ، إذ القصد فيها اتباع السنة في قراءتها في الصلاة المخصوصة والسجود فيها ، وخرج بالسامع غيره ، وإن علم برؤية السجود ، ومن زعم دخوله في قوله { الشافعي وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } مردود بما مر وبأنه لا يطلق عليه أنه قرئ عليه إلا إن سمعه ( فإن قرأ في الصلاة ) في محل قراءته وهو القيام أو بدله ولو قبل الفاتحة ; لأنه محلها في الجملة ( سجد الإمام والمنفرد ) الواو بمعنى أو بدليل إفراده الضمير في قوله لقراءته ، واختار التعبير بها ; لأنها في التقسيم كما هنا أجود من أو : أي كل منهما فحينئذ يتنازعه كل من قرأ وسجد ، فالفراء يعملهما فيه ، يقول حذف فاعل الأول ، والكسائي والبصريون يضمرونه والفاعل المضمر عندهم مفرد لا مثنى ; لأنه لو كان ضمير تثنية لبرز على رأيهم فيصير ، وإن قرآ ثم الإفراد مع عوده على الاثنين بتأويل كل منهما كما تقدم ، فالتركيب صحيح على مذهب البصريين كغيره من المذهبين قبله ، وليست صحته خاصة بالمذهبين قبله نظرا إلى عدم تثنية الضمير للتأويل المذكور ( لقراءته فقط ) أي كل لقراءة نفسه دون غيره .
واستثنى الإمام من فلا يسن له السجود ، ومثله قرأ بدلا عن الفاتحة لعجزه عنها آية سجدة ، واعتمده الجنب الفاقد لطهورين العاجز عن الفاتحة إذا قرأ بدلها آية سجدة لئلا يقطع القيام المفروض التاج السبكي ، ووجهه بأن ما لا بد منه لا يترك إلا لما لا بد منه ا هـ .
وهذا هو الظاهر وإن نظر فيه بأن ذلك إنما يتأتى في القطع لأجنبي . أما هو لما هو من مصالح ما هو فيه فلا محذور فيه ، على أنه كذلك لا يسمى قطعا ، وقد يوجه أيضا بأن البدل يعطى حكم مبدله ، فكما أن الأصل لا سجود فيه فبدله كذلك كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، وخرج بقوله لقراءته فقط ما لو سجد لقراءة غيره عامدا عالما فإنه تبطل صلاته .