فصل ومنها النفس
قال صاحب المنازل :
( باب النفس ) قال الله تعالى : فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك .
[ ص: 176 ] وجه إشارته بالآية : أن النفس يكون بعد مفارقة الحال ، وانفصاله عن صاحبه ، فشبه الحال بالشيء الذي يأخذ صاحبه فيغته ويغطه ، حتى إذا أقلع عنه تنفس نفسا يستريح به ويستروح .
قال : ويسمى النفس : نفسا ، لتروح المتنفس به
" التنفيس " هو الترويح ، يقال : نفس الله عنك الكرب ؛ أي : أراحك منه ، وفي الحديث الصحيح : . من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
وهذه الأحرف الثلاثة وهي النون والفاء وما يثلثهما تدل حيث وجدت على الخروج والانفصال ، فمنه النفل ؛ لأنه زائد على الأصل خارج عنه ، ومنه : النفر ، والنفي ، والنفس ، ونفقت الدابة ، ونفست المرأة ونفست : إذا حاضت أو ولدت ، فالنفس : خروج وانفصال يستريح به المتنفس .
قال : وهو على ثلاث درجات ، وهي تشابه درجات الوقت
وجه الشبه بينهما : أن الأوقات تعد بالأنفاس كدرجاتها .
وأيضا فالوقت ، كما قال هو : " حين وجد صادق " فقيد الحين بالوجد ، والوجد بالصدق ، وقال في هذا الباب : هو نفس في حين استتار ، فقيد النفس بالحين وبالوجد ، [ ص: 177 ] وقيد به الوقت ، فهو معتبر بهما .
وأيضا فالوقت والنفس لهما أسباب تعرض للقلب بسبب حجبه عن مطلوبه ، أو مفارقة حال كان فيها فاستترت عنه ، فبينهما تشابه من هذه الوجوه وغيرها .