قال : وهو . على ثلاث درجات ، مع ملاحظة العبد خسة قدره ، وسفالة منزلته . وتفاهة قيمته الأولى : هيمان في شيم أوائل برق اللطف عند [ ص: 80 ] قصد الطريق
يريد : أن القاصد للسلوك إذا نظر إلى مواقع لطف ربه به - حيث أهله لما لم يؤهل له أهل البلاء ، وهم أهل الغفلة والإعراض عنه - أورثه ذلك النظر تعجبا يوقعه في نوع من الهيمان .
قال بعض العارفين في الأثر المروي " إذا رأيتم أهل البلاء فسلوا الله العافية " تدرون من هم أهل البلاء ؟ هم أهل الغفلة عن الله .
وتقوى هذه الحال إذا انضاف إليها شهود العبد خسة قدر نفسه . فاستصغرها أن تكون أهلا لما أهلت له . وكذلك شهود سفالة منزلته أي انحطاط رتبته ، وكذلك شهود تفاهة قيمته أي خستها وقلتها .
وحاصل ذلك كله : احتقاره لنفسه ، واستعظامه للطف ربه به ، وتأهيله له . فيتولد من بين هذين : الهيمان المذكور . ولا ريب أنه يتولد من بين هذين الشهودين : أمور أخرى ، أجل وأعظم ، وأشرف من الهيمان - من محبة وحمد وشكر ، وعزم وإخلاص ، ونصيحة في العبودية ، وسرور وفرح بربه ، وأنس به - هي مطلوبة لذاتها . بخلاف عارض الهيمان . فإنه لا يطلب لذاته . وليس هو من منازل العبودية .