الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ) أي : ابن مسعود ( قال : صليت ليلة مع رسول الله ) وفي نسخة النبي ( - صلى الله عليه وسلم - فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء ) بالإضافة وروي بقطعها [ ص: 97 ] على الصفة ، والسوء بفتح السين ، وروي بضمها فقيل إلا أن المفتوحة غلبت في أن يضاف إليها ما يراد ذمه من كل شيء ، وأما المضمومة فجار مجرى الشر الذي هو نقيض الخير وقد قرئ قراءة متواترة بالوجهين في قوله تعالى : عليهم دائرة السوء قال ميرك : الرواية بإضافة أمر إلى سوء كما يفهم من كلام الشيخ ابن حجر ، وجوز العلامة الكرماني أن يكون بالصفة ، ثم الباء للتعدية فالمعنى قصدت أمرا سيئا ( قيل ) أي : له كما في نسخة ( وما هممت به ؟ قال : هممت أن أقعد ) أي : مصليا ( وأدع النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : أتركه يصلي قائما أو معنى " أقعد " أن لا أصلي معه بعد ذلك الشفع ، وأتركه يصلي ، وكلاهما أمر سوء في الجملة لظهور صورة المخالفة .

وأما ما يتبادر إلى الفهم من أرباب الوهم أن مراده إبطال الصلاة للإطالة ، وقعوده للملالة ، فباطل لقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم ولمقتضى قواعد علمائنا من أن النفل يلزم بالشروع ، فيجب إتمامه ، فلا يجوز حمل فعل صحابي جليل على مختلف فيه مع احتمال غيره من وصول مرامه .

قال ميرك : فإن قلت : القعود جائز في النفل مع القدرة على القيام فما معنى السوء .

قلت : سوء من جهة ترك الأدب ، وصورة المخالفة قاله العلامة الكرماني في شرح البخاري .

أقول الظاهر أنه هم بترك الصلاة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقا لا ترك القيام ، ويدل عليه قوله : " وأدع النبي " وهذا في غاية الظهور ، وهو أمر قبيح والله أعلم .

( حدثنا سفيان بن وكيع ، حدثنا جرير ، عن الأعمش نحوه ) أي : إسنادا وحديثا .

التالي السابق


الخدمات العلمية