( حدثنا حدثنا محمود بن غيلان أبو أسامة عن شريك عن عاصم الأحول قال أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له يا ذا الأذنين ) بضم الذال ، ويسكن في النهاية معناه الحض ، والتنبيه على حسن الاستماع لما يقال له لأن السمع بحاسة الأذن، ومن خلق الله له الأذنين فغفل ولم يحسن الوعي، لم يعذر وقيل : إن هذا القول من جملة مداعباته - صلى الله عليه وسلم - ولطيف أخلاقه انتهى . والثاني هو الظاهر ; لأن عن أنسا كان صغيرا عمره عشر سنين خادما لحضرته ، واقفا في خدمته ، فمزاحه معه لكونه صغيرا .
ومما وقع من مزاحه مع الصغار أنه مج مجة في وجه ، وهو ابن خمسة سنين يمازحه ، فكان فيه من البركة إنه لما كبر لم يبق في ذهنه من الرواية غيرها ، فعد بها من الصحابة ورواتهم، وجعل عمره أقل زمان التحمل . محمود بن الربيع
وأنه نضح الماء في وجه بنت أم سلمة ، فلم يزل رونق الشباب في وجهها ، وهي عجوز كبيرة ، وهذا المعنى هو الذي اختاره المصنفون ، وأوردوه في هذا الباب والله أعلم بالصواب ، وقيل يمكن أن يكون إشارة إلى كمال انقياده ، وحسن خدمته ( قال محمود ) : أي : شيخ المصنف ، وقال شارح : في بعض النسخ أبو عيسى بدل محمود ( قال أبو أسامة ) أي : شيخ شيخه ( يعني ) أي : يريد - صلى الله عليه وسلم - بقوله له ( يمازحه ) أي : مزاحه من قبيل ذكر الفعل ، وإرادة المصدر من مجاز إطلاق الكل ، وإرادة الجزء وهو أحد التأويل في قوله تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ، ومنه قوله تعالى ( يا ذا الأذنين ومن آياته يريكم البرق ) ، وخلاصة معناه أن أبا أسامة الراوي حمل الحديث على المداعبة، ثم وجه المزاح أنه سماه بغير اسمه مما قد يوهم أنه ليس الراوي حمل الحديث على المداعبة، ثم وجه المزاح أنه سماه بغير اسمه مما قد يوهم أنه ليس من [ ص: 30 ] الحواس إلا الأذنان أو كما هو مختص بهما لا غير مع احتمال كون أذنيه طويلتين أو قصيرتين أو معيوبتين . والله أعلم .