( حدثنا حدثنا محمد بن بشار ، محمد بن جعفر ، قالا : حدثنا وعبد الرحمن بن مهدي شعبة عن قتادة ، عن ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه ) بصيغة المضارع من باب الأفعال وفاعله ( أنس بن مالك ) وفي رواية الدباء مسلم أنها كانت تعجبه ، أي يرضيه أكله ، ويستحسنه ويحب تناوله ، وهو بضم الدال ، وتشديد الموحدة ، ممدود ، ويجوز القصر ، حكاه الفراء ، وأنكره القرطبي وقيل : خاص بالمستدير منه ، قال النووي : الدباء هو اليقطين وهو بالمد ، وهذا هو المشهور ، وحكى القاضي فيه القصر أيضا ، الواحدة : دباءة أو دباة ، انتهى .
واقتصر صاحب المهذب وتاج الأسماء على الأول ، وقال ميرك : الدباء هي القرع ، واحدها : دباءة ، وزنها فعال ، ولامها همزة ، ولا يعرف انقلاب لامها عن واو أو ياء ، قاله ، وأخرجها الزمخشري الهروي في الدال مع الباء على أن الهمزة زائدة ، وأخرجها الجوهري في المعتل ، على أن همزته منقلبة ، وكأنه أشبه كذا في النهاية ( فأتي ) بصيغة المجهول من الإتيان أي فجيء ( بطعام ) أي فيه دباء ( أو دعي ) بصيغة المفعول ، أي طولب النبي صلى الله عليه وسلم ( له ) أي للطعام ، والشك من أنس ، أو ممن دونه ، قال أنس : ( فجعلت أتتبعه ) أي أطلب الدباء من حوالي القصعة ( فأضعه بين يديه ) أي قدامه صلى الله عليه وسلم .
وفيه دليل على أن ، إذا لم يعرف من صاحبه كراهة ومناولة الضيفان بعضهم بعضا ، مما وضع بين أيديهم اعتمادا على رضى المضيف ، وإنما يمتنع أخذ شيء من قدام الآخر لنفسه إذا علم أنه لم يرض بذلك ; لكونه مخصوصا بغيره أو لغيره ( لما أعلم ) ما مصدرية أو موصولة أي لعلمي أو للذي أعلمه ( أنه ) أي النبي [ ص: 254 ] صلى الله عليه وسلم ( يحبه ) أي الدباء وفي بعض النسخ ، بفتح اللام وتشديد الميم ، أي حين أعلم أنه يحبه ، وبهما قرئ في المتواتر ، قوله تعالى : الطعام إذا كان مختلفا ، يجوز أن يمد يده إلى ما لا يليه وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا قيل : وكان سبب محبته صلى الله عليه وسلم له ما فيه من إفادة زيادة العقل ، والرطوبة المعتدلة ، وما كان يلحظه من السر الذي أودعه الله فيه ، إذ خصصه بالإنبات على أخيه يونس عليه السلام ، حتى وقاه حر الشمس ، وبرد الليل ، وتربى في ظله فكان له كالأم الحاضنة لولدها .