قال رضي الله عنه: أبو حاتم والمؤمن في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجافي في النار، إلا أن يتفضل الله عليه برحمته فيخلصه منه. الحياء من الإيمان،
[ ص: 58 ] فإذا لزم المرء الحياء كانت أسباب الخير منه موجودة، كما أن الواقح إذا لزم البذاء كان وجود الخير منه معدوما وتواتر الشر منه موجودا، لأن الحياء هو الحائل بين المرء وبين المزجورات كلها فبقوة الحياء يضعف ارتكابه إياها، وبضعف الحياء تقوى مباشرته إياها. ولقد أحسن الذي يقول :
ورب قبيحة ما حال بيني وبين ركوبها إلا الحياء فكان هو الدواء لها، ولكن
إذا ذهب الحياء فلا دواء
وأنبأنا محمد بن المنذر بن سعيد ، حدثنا ، حدثنا عمر بن شبة ، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن هشام محمد ، عن كثير بن أفلح عن قال: " زيد بن ثابت ". من لا يستحيي من الناس لا يستحيي من الله
قال رضي الله عنه: الواجب على العاقل أن يعود نفسه لزوم الحياء من الناس، وإن من أعظم بركته تعويد النفس ركوب الخصال المحمودة ومجانبتها الخلال المذمومة، كما أن من أعظم بركة الحياء من الله الفوز من النار بلزوم الحياء عند مجانبة ما نهى الله عنه; لأن ابن أبو حاتم آدم مطبوع على الكرم واللؤم معا في المعاملة بينه وبين الله والعشرة بينه وبين المخلوقين، وإذا قوي حياؤه قوي كرمه، وضعف لؤمه، وإذا ضعف حياؤه قوي لؤمه وضعف كرمه، ولقد أنشدني علي بن محمد البسامي :
إذا رزق الفتى وجها وقاحا تقلب في الأمور كما يشاء
ولم يك للدواء ولا لشيء يعالجه به فيه غناء
فما لك في معاتبة الذي لا حياء لوجهه إلا العناء
قال إن المرء إذا اشتد حياؤه صان عرضه، ودفن مساويه ونشر محاسنه، أبو حاتم: ومقت، ومن مقت أوذي، ومن أوذي حزن، ومن حزن فقد عقله، ومن أصيب في عقله كان أكثر قوله عليه لا له، ولا دواء لمن لا حياء له، [ ص: 59 ] ولا حياء لمن لا وفاء له، ولا وفاء لمن لا إخاء له، ومن قل حياؤه صنع ما شاء وقال ما أحب. ومن ذهب حياؤه ذهب سروره، ومن ذهب سروره هان على الناس
وأنشدني عبد العزيز بن سليمان الأبرش :
إذا لم تصن عرضا ولم تخش خالقا وتستحي مخلوقا فما شئت فاصنع
إذا كنت تأتي المرء تعظم حقه ويجهل منك الحق فالصرم أوسع
أنبأنا محمد بن سعيد القزاز حدثني عبد الله بن مسعود الثعلبي باليمن حدثنا أحمد بن زيد بن السكن الجندي ، عن قال: قال سفيان بن عيينة يحيى بن جعدة " ". إذا رأيت الرجل قليل الحياء فاعلم أنه مدخول في نسبه