حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل القاضي ، وعبد الله بن محمود بن سليمان السعدي قالا: حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله العتكي ، حدثنا ، عن مسلم بن خالد الزنجي ، عن أبيه، عن العلاء بن عبد الرحمن قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة، "كرم الرجل دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه".
قال - رضي الله عنه - : صرح النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخبر بأن المروءة هي العقل، والعقل اسم يقع على العلم بسلوك الصواب، واجتناب الخطأ، فالواجب على العاقل أن يلزم إقامة المروءة بما قدر عليه من الخصال المحمودة، وترك الخلال المذمومة. أبو حاتم
وقد نبغت نابغة اتكلوا على آبائهم، واتكلوا على أجدادهم في الذكر، والمروءات، وبعدوا عن القيام بإقامتها بأنفسهم.
ولقد أنشدني منصور بن محمد في ذم من هذا نعته:
إن المروءة ليس يدركها امرؤ ورث المروءة عن أب، فأضاعها أمرته نفس بالدناءة والخنا
ونهته عن طلب العلى فأطاعها فإذا أصاب من الأمور عظيمة
يبني الكريم بها المروءة باعها
وأنشدني محمد بن إسحاق:
خساسة أخلاق الرجال تشينهم وقل غناء عنهم النسب المحض [ ص: 230 ]
يصولون بالآباء في كل مشهد وقد غيبت آباءهم عنهم الأرض
طويل تبديهم بمجد أبيهم وما لهم في المجد طول ولا عرض
وأنشدني الحسين بن أحمد البغدادي:
ليس الكريم بمن يدنس عرضه ويرى مروءته تكون بمن مضى
حتى يشيد بناءه ببنانه ويزين صالح ما أتوه بما أتى
قال - رضي الله عنه - : ما رأيت أحدا أخسر صفقة، ولا أظهر حسرة، ولا أخيب قصدا، ولا أقل رشدا، ولا أحمق شعارا، ولا أدنس دثارا من أبو حاتم متوهما أنهم ارتفعوا بمن قبلهم، وسادوا بمن تقدمهم، وهيهات! أنى يسود المرء على الحقيقة إلا بنفسه، وأنى ينبل في الدارين إلا بكده؟! المفتخر بالآباء الكرام، وأخلاقهم الجسام، مع تعريه عن سلوك أمثالهم، وقصد أشباههم،
ولقد أنشدني البسامي:
وكم قائل: إني ابن بيت هو ابنه وقد هدم البيت الذي مات عامره
فأودى عموداه، ورثت حباله وأصلح أولاه، وأفسد آخره
وأنشدني الأبرش:
فإن قلت: لي آباء صدق ومنصب كريم وإخوان مضت وجدود
صدقت، ولكن أنت هدمت ما بنوا بكفك عمدا، والبناء جديد
وأنشدني محمد بن عبد الله البغدادي:
إن لم تكن بفعال نفسك ساميا لم يغن عنك سمو من تسمو به
ليس القديم على الحديث براجع إن لم تجده آخذا بنصيبه
ولربما اقترب البعيد بوده وغدا القريب مباعدا لقريبه