قال رضي الله عنه: أبو حاتم كما أن التجسس من شعب النفاق، والعاقل يحسن الظن بإخوانه، وينفرد بغمومه وأحزانه، كما أن الجاهل يسيء الظن بإخوانه، ولا يفكر في جناياته وأشجانه. حسن الظن من شعب الإيمان،
ولقد أحسن الذي يقول :
ما يستريح المسيء ظنا من طول غم، وما يريح وقل وجه يضيق إلا
ودونه مذهب فسيح من خفف الله عنه هبت
من كل وجه إليه ريح [ ص: 127 ] والجسم حيث استقر هاد
والروح جوالة تسيح كم تذبح الأرض من بنيها
كل بنيها لها ذبيح لن يهلك المرء من سماح
وقلما يفلح الشحيح
قال رضي الله عنه: أبو حاتم سوء الظن على ضربين:
أحدهما: منهي عنه بحكم النبي صلى الله عليه وسلم.
والضرب الآخر: مستحب.
فأما الذي نهي عنه فهو استعمال سوء الظن بالمسلمين كافة على ما تقدم ذكرنا له.
وأما الذي يستحب من سوء الظن فهو كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا، يخاف على نفسه مكره، فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه.
وفي ذلك أنشدني الأبرش :
وحسن الظن يحسن في أمور ويمكن في عواقبه ندامه
وسوء الظن يسمج في وجوه وفيه من سماجته حزامه
وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :
ما ينبغي لأخي ود وتجربة أن يترك الدهر سوء الظن بالناس
حتى يكون قريبا في تباعده عنا، ويدفع ضر الحرص بالياس