[ ص: 362 ] سورة العلق [ فيها خمس آيات ] الآية الأولى قوله تعالى : { اقرأ باسم ربك الذي خلق } : فيها مسألة واحدة .
القول : في أول ما نزل من القرآن ، وفيه أربعة أقوال : الأول : هذه السورة ; قالته ، عائشة ، وابن عباس ، وغيرهم . وابن الزبير
الثاني : أنه نزل { يأيها المدثر } ; قاله . جابر
الثالث : قال رضي الله عنه : أول ما نزل من القرآن : { علي بن أبي طالب قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } .
الرابع قال أبو ميسرة الهمداني : أول ما نزل فاتحة الكتاب .
والصحيح ما رواه الأئمة واللفظ عن للبخاري رضي الله عنها ; قالت : { عائشة بغار حراء ، فيتحنث فيه . والتحنث التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود بمثل ذلك ، حتى فجئه الوحي ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بقارئ ، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : { اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق } إلى قوله : { علم الإنسان ما لم يعلم } . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفؤاده يرجف ; حتى [ ص: 363 ] دخل على خديجة ، فقال : زملوني ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة : أي خديجة ، ما لي ؟ لقد خشيت على نفسي . فأخبرها الخبر ، فقالت خديجة : كلا ، أبشر . فوالله لا يخزيك الله أبدا ، فوالله إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق . فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل وهو ابن عم خديجة أخو أبيها ، وكان امرأ تنصر في الجاهلية ، وكان يكتب الكتاب العبراني ، ويكتب الإنجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب ، وكان شيخا كبيرا قد عمي ، فقالت خديجة : يا بن عم ، اسمع من ابن أخيك . قال ورقة : يا ابن أخي ، ماذا ترى ؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى . فقال ورقة : هذا الناموس الذي أنزل على موسى ، ليتني فيها جذعا ، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم ، قال ورقة : نعم ، لم يأت أحد بما جئت به إلا أوذي ، وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي ، وفتر الوحي فترة ، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم } كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة في النوم ، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو
. قال : فأخبرني محمد بن شهاب أن أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : { جابر بن عبد الله الأنصاري بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، ففزعت منه ، فرجعت فقلت : زملوني ، دثروني ، فدثروه ، فأنزل الله تبارك وتعالى : { يأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر } } . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي قال في حديثه : بينا أنا أمشي سمعت صوتا ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي قد جاءني
قال : وهي الأوثان التي كانت الجاهلية تعبدها ، ثم تتابع الوحي . أبو سلمة