المسألة الخامسة ، وإن عاد إلى النفس ومن الأمثال السائرة : والجود بالنفس أقصى غاية الجود ومن عبارات الصوفية في حد المحبة : إنها الإيثار ، ألا ترى أن الإيثار بالنفس فوق الإيثار بالمال امرأة العزيز لما تناهت في حبها ليوسف عليه السلام آثرته على نفسها بالتبرئة ، فقالت : { أنا راودته عن نفسه } .
وأفضل الجود بالنفس الجود على حماية رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ففي الصحيح { ترس على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أبا طلحة أحد ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع فيرى القوم ، فيقول له : لا تشرف يا رسول الله ، لا يصيبونك ، نحري دون نحرك . ووقى بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم فشلت أبو طلحة } . أن
المسألة السادسة الإيثار هو تقديم الغير على النفس في حظوظها الدنيوية رغبة في الحظوظ الدينية ، وذلك ينشأ عن قوة النفس ، ووكيد المحبة ، والصبر على المشقة ; وذلك يختلف باختلاف أحوال المؤثرين ; كما روي في الآثار { أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل من أبي بكر ماله ومن نصف ماله ، ورد عمر أبا لبابة وكعبا إلى الثلث ، لقصورهما عن درجتي أبي بكر ; إذ لا خير له في أن يتصدق ثم يندم ، فيحبط أجره ندمه وعمر } .