فكتب إليه ابن عمر ، وأبو سعيد ، وسلمة بن الأكوع بالبيعة ، وكان عبد الملك يجلس للناس في كل أسبوع يومين .
[ ص: 128 ]
أخبرنا ابن ناصر الحافظ ، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا أبو القاسم [علي بن الحسن التنوخي ، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم المازني ، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن القاسم] الكوكبي ، قال: حدثنا أبو العباس الكديمي ، قال: أخبرنا السلمي ، عن محمد بن نافع مولاهم ، عن أبي ريحانة أحد حجاب عبد الملك بن مروان ، قال: كان عبد الملك يجلس في كل أسبوع يومين جلوسا عاما ، فبينا هو جالس في مستشرف له وقد أدخلت عليه القصص ، إذ وقعت في يده قصة غير مترجمة فيها: إن رأى أمير المؤمنين أن يأمر جاريته تغنيني ثلاثة أصوات ثم ينفذ في ما يشاء من حكمه .
فاستشاط من ذلك غضبا ، وقال: يا رباح ، علي بصاحب هذه القصة ، فخرج الناس جميعا ، وأدخل عليه غلام كما أعذر كأهنأ الصبيان وأحسنهم ، فقال له عبد الملك:
يا غلام هذه قصتك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين ، قال: وما الذي غرك مني ، والله لأمثلن بك ، ولأردعن بك نظراءك من أهل الجسارة ، علي بالجارية ، فجيء بجارية كأنها فلقة قمر ، وبيدها عود ، فطرح لها كرسي وجلست ، فقال عبد الملك: مرها يا غلام ، فقال:
غني لي يا جارية بشعر قيس بن ذريح:
لقد كنت حسب النفس لو دام أو دنا ولكنما الدنيا متاع غرور وكنا جميعا قبل أن يظهر الهوى
بأنعم حالي غبطة وسرور فما برح الواشون حتى بدت لنا
بطون الهوى مقلوبة بظهور
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى إني إذا لسعيد
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي من الحب قالت ثابت ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به مع الناس قالت ذاك منك بعيد
[ ص: 129 ]
فلا أنا مردود بما جئت طالبا ولا حبها فيما يبيد يبيد
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها ويحيا إذا فارقتها فيعود
وفي الجيرة الغادين من بطن وجرة غزال غضيض المقلتين ربيب
فلا تحسبي أن الغريب الذي نأى ولكن من تنأين عنه غريب
غدا يكثر الباكون منا ومنكم وتزداد داري من دياركم بعدا