ثم دخلت سنة إحدى وأربعين
فمن الحوادث فيها الحسن رضي الله عنه الأمر لمعاوية تسليم
وذلك أن الحسن لما تفرق الناس عنه بعث إلى يطلب الصلح ، فبعث معاوية إليه معاوية عبد الله بن عامر ، وعبد الرحمن بن سمرة ، فقدما عليه المدائن ، فأعطياه ما أراد وصالحاه على أن يأخذ من بيت مال الكوفة خمسة آلاف ألف في أشياء اشترطها ، وكان قد أرسل إليه قبل ذلك صحيفة بيضاء وكتب إليه اشترط في هذه الصحيفة ما شئت فهو لك ، فاشترط أضعاف الشروط التي سألها معاوية قبل ذلك ، وأمسكها عنده وأمسك معاوية صحيفة معاوية الحسن التي كتب إليه فيها ، فلما التقيا سأله الحسن أن يعطيه الشروط التي شرط في الصحيفة ، فأبى وقال: لك ما كنت تسألني . معاوية
[وكان الصلح] بينهم بمسكن ، ثم دخلوا الكوفة ، فقال عمرو بن العاص مر لمعاوية: الحسن أن يقوم فيخطب ، فكره ذلك وقال: ما تريد بهذا؟ قال: أريد أن يبدو عيه في الناس . فخرج معاوية فخطب ثم قال: قم يا معاوية حسن فتكلم ، فقام فقال: أما بعد ، فإن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ، والدنيا دول ، [وإن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم]: وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين . فقال اجلس . [ ص: 184 ] ثم خرج معاوية: الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر من الكوفة إلى المدينة ، وسلم الكوفة إلى لخمس [بقين] من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين . معاوية
وقيل في ربيع الآخر ، ويقال: في غرة جمادى الأولى .
ولما رحل الحسن تلقاه قوم فقالوا: يا مذل العرب .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت ، قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكمي ، قال: حدثنا عباس بن محمد ، قال: حدثنا ، قال: حدثنا أسود بن عامر زهير بن معاوية ، قال: حدثنا أبو روق الهمذاني ، قال: أخبرنا أبو العريف ، قال: كنا على مقدمة الحسن بن علي في اثني عشر ألفا بمسكن مستميتين من الجد على قتال أهل الشام وعلينا أبو العمرطة ، فلما جاءنا صلح الحسن بن علي كأنما كسرت ظهورنا من الغيظ ، فلما قدم الحسن بن علي على الكوفة ، قال له رجل منا يقال له أبو عامر سفيان بن الليل: السلام عليك يا مذل المؤمنين ، فقال: لا تقل ذلك يا أبا عامر ، لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلهم على الملك .