[غزوة بني قينقاع]
ومن الحوادث: بني قينقاع ، وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد وادع حين قدم غزوة المدينة يهودها على أن لا يعينوا عليه أحدا ، وأنه إذا دهمه بها عدو نصروه . فلما انصرف من بدر أظهروا له الحسد والبغي ، وقالوا: لم يلق محمدا من يحسن القتال ، ولو لاقيناه لاقى عندنا قتالا لا يشبهه قتال أحد ، ثم أظهروا له نقض العهد .
قال : فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن إسحاق بني قينقاع ، وكانوا فقال لهم: أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم ، "يا معشر اليهود ، احذروا من الله عز وجل [مثل] ما نزل بقريش من النقمة ، وأسلموا ، فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل" ، فقالوا:
يا محمد ، إنك ترى أنا كقومك ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، [فأصبت منهم فرصة ، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس] .
فخرج للنصف من شوال ، وحمل لواءه يومئذ حمزة ، المدينة أبا لبابة ، فتحصنوا في حصونهم ، فحاصرهم خمسة عشر ليلة ، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكتفوا وهو يريد قتلهم ، فكلمه فيهم واستخلف على عبد الله بن أبي ، فقال: يا محمد ، أحسن في موالي - وكانوا حلفاء الخزرج - فأعرض عنه فأعاد السؤال ، فأعرض عنه فأدخل يده [ ص: 137 ] في جيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال: يا رسول الله ، أحسن ، قال: "ويحك أرسلني" ، قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن إلى موالي ، أربع مائة حاسر ، وثلاث مائة دارع وقد منعوني من الأسود والأحمر ، تحصدهم في غداة واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم لك" .
ثم أمر بإجلائهم ، وغنم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون ما كان لهم من مال ، فكان بدر ، ثم انصرف إلى أول مال خمس في الإسلام بعد المدينة .
وبعض العلماء يرى أن غزاة بني قينقاع كانت في سنة ثلاث ، وكانت قبلها غزوات .
ومن الحوادث في هذه السنة: وهو أول عيد أضحى رآه المسلمون يومئذ ، وكان ذلك في سنة ثلاث من هجرته صلى الله عليه وسلم . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى صلاة العيد وضحى هو والأغنياء من أصحابه ،