ثم دخلت سنة خمس وتسعين وأربعمائة
[القبض على إلكيا أبي الحسن]
فمن الحوادث فيها:
أنه في يوم الخميس سادس محرم قبض على إلكيا أبي الحسن علي بن محمد المدرس بالنظامية ، فحمل إلى موضع أفرد له ، ووكل به جماعة ، وذلك أنه رفع عنه إلى السلطان محمد بأنه باطني ، فتقدم بالقبض عليه ، فتجرد في حقه أبو الفرج بن السيبي القاضي ، وأخذ المحاضر ، وكتب خطه له بصحة الدين ، وشهد له بالفضل ، وخوطب من دار الخلافة في تخليصه فاستنقذ . أبو الوفاء بن عقيل
[جلوس المستظهر لمحمد وسنجر]
وفي يوم الثلاثاء حادي عشر المحرم: جلس المستظهر لمحمد وسنجر ، واجتمع أرباب المناصب في التاج ، ونزل كمال الدولة في الزبزب ، وأصعد إلى دار المملكة ، فاستدعاهما فنزلا في الزبزب ، وكان الطيار قد شعث وغاب ، وهو الذي انحدر فيه والدهما جلال الدولة أبو الفتح ملك شاه إلى دار الخلافة حين جلس له وانحدر فيه المقتدي بأمر الله ، حين جلس له طغرلبك وهذا الطيار كان القائم بأمر الله ، لجلال الدولة أبي طاهر بن بويه ، وأنفق عليه زائدا على عشرة آلاف دينار ، وأهداه للقائم ، وجددت عمارته في سنة سبع وأربعين ، واتسعت في أيام المقتدي ، فجددت عمارته وحط إلى دجلة ، فكان للناس في تلك الأيام من الفرجة بدجلة عجائب ثم هدم .
[ ص: 75 ]
فنزلا في الزبزب ، فانحدرا إلى دار الخلافة ومعهما الحشر ، وقد شهروا للسلام ، وقدم لهما مركوبان من مراكب الخليفة وبين يديهما أمراء الأجناد ، وكان على كتف البردة المحمدية وفي يده القضيب ، ودخلا فقبلا الأرض فأمر الخليفة كمال الدولة بإفاضة الخلع عليهما ، وعقد الخليفة لواءين بيده ، وكانت الخلع على المستظهر محمد سيفا وطوقا وسوادا وسيفا ولواء ، وقبل بين يدي السلطان خمسة أرؤس خيلا بمراكب ، أحدها مركب صيني ، وبين يدي الآخر ثلاثة ، فوعظهما الخليفة وأمرهما بالتطاوع ، وقرأ عليهما واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا [3: 103] ثم انصرفا .
فلما كان يوم السبت منتصف محرم خرج سنجر متقدما لأخيه قاصدا ممالكه بخراسان ، وخرج محمد يوم الأربعاء تاسع عشر المحرم ، فأرجف يوم الجمعة حادي عشرين المحرم بدنو السلطان بركيارق ، فأمر الخليفة كمال الدولة وأمراء بالمضي إلى محمد وسنجر وإعادتهما ، فلقي محمدا فرده وفاته سنجر ، وعزم الخليفة على النهوض لنصرة السلطان محمد ، وأمر بالاحتراز والاستعداد ، وجمع السفن ، فبذل السلطان محمد القيام بهذه الخدمة وأنه يكفيه عناية النهوض ، ودخل سيف الدولة صدقة إلى الخليفة فتقدم بتطويعه ، وقال: إن الخليفة يعضد بك بالصارم العضب .
[وخرج السلطان محمد] ثامن عشر المحرم ، فسار إلى النهروان ، وبعث الخليفة إليه من أعلمه أنه قد ولاه ما وراء بابه ، وأرسل سعادة الخادم ومعه منجوق ، وأخرج معه أبو علي الحسن بن محمد الإستراباذي الحنفي وأبو سعد بن الحلواني؛ ليكونا مع السلطان محمد في جميع مواقفه ، ويعلما الناس أن الإمام قد ولاه ما وراء بابه ، فلحقوه بالدسكرة ، ثم التقى هو وبركيارق وآل الأمر إلى الصلح ، على أن يكون لسلطان بركيارق ومحمد الملك ، وأن يضرب له ثلاث نوب ، وجعل له من البلاد جنزة وأعمالها وأذربيجان وديار بكر وديار مضر وديار ربيعة ، وهذه البلاد تؤدي ألف ألف دينار وثلاثمائة [ ص: 76 ] ألف دينار وبضعة عشر ألف دينار ، ثم لم يف محمد فعوود ، وجرى عليه المكروه .
وفي رجب: قبل قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني شهادة أبي الحسين وأبي خازم ابني القاضي أبي يعلى بن الفراء .
وفي هذه السنة: قدم إلى بغداد أبو المؤيد عيسى بن عبد الله الغزنوي ، ووعظ في الجامع ، وأظهر المذهب الأشعري ، ومال معه صاحب المخزن ابن الفقيه ، فوقعت فتنة ، وجاز يوما من مجلسه ماضيا إلى منزله برباط أبي سعد الصوفي ، فرجم من مسجد ابن جردة ، فارتفع بذلك سوقه وكثر أصحابه ، وخرج من بغداد في ربيع الآخر سنة ست وتسعين ، فكانت إقامته سنة وبعض أخرى .
وفي رابع رمضان: استوزر للمستظهر أبو المعالي الأصفهاني ، وعزل في رجب سنة ست وتسعين ، واعتقل في الحبس أحد عشر شهرا ثم أطلق .