1171 - أحمد بن الرشيد ، وقيل : اسمه صالح ، ويكنى : أبا عيسى .
كان من أحسن الناس وجها ، وكان إذا عزم على الركوب جلس الناس لرؤيته أكثر مما يجلسون لرؤية الخلفاء . وقال له يوما [وهو صبي : ] ليت حسنك الرشيد لعبد الله - يعني المأمون - فقال له : على أن حظه منك لي . فعجب من جوابه على صباه . وكان الرشيد قد أعده للخلافة بعده ، وكان شديد الحب له ، حتى كان يقول : إنه ليسهل علي الموت وفقد الملك لمحبتي أن يلي المأمون أبو عيسى [الأمر بعدي] لشدة محبتي إياه . فمات أبو عيسى في خلافة هذه السنة ، وصلى عليه المأمون ونزل قبره ، وامتنع من الطعام أياما . المأمون
قال أحمد بن أبي داود : دخلت على وقد توفي أخوه المأمون أبو عيسى - وكان محبا له - وهو يبكي ، فقعدت إلى جانب عمر بن مسعدة ، وتمثلت قول الشاعر :
نقص من الدنيا ولذاتها نقص المنايا من بني هاشم
فلم يزل يبكي ثم مسح عينيه وتمثل : [ ص: 200 ]سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض فحسبك مني ما تجن الجوانح
كأن لم يمت حي سواك ولم تقم على أحد إلا عليك النوائح
عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما
تحية من أوليته منك نعمة إذا زار عن سخط بلادك سلما
فما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما
فقال : هيه يا عمر . فقال :
بكوا لن تبكوا مثله حتى تعود قبائل لم تخلق حذيفة
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعين لم يفض ماؤها عذر
كأن بني العباس يوم وفاته نجوم سماء خر من بينها البدر
وكان سبب موته : أنه خرج إلى الصيد فوقع عن دابته فلم يسلم دماغه ، فكان يصرع في اليوم مرات ، فكان سبب موته .
وفي رواية : أنه رأى هلال رمضان فقال :
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر ولا صمت شهرا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الإمام بقدره على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر
1172 - بشر بن منصور السليمي .
روى عن . الثوري
أخبرنا محمد بن أبي القاسم ، أخبرنا حمد بن أحمد الحداد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، أخبرنا أحمد بن الحسين ، حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال : حدثني قال : أتينا العباس بن الوليد بشر بن منصور بعد العصر فخرج إلينا وكأنه متغير ، فقلت له : يا أبا محمد لعلنا شغلناك عن شيء ، فرد ردا ضعيفا ، ثم قال : ما أكتمكم - أو كلمة نحوها - كنت أقرأ في المصحف فشغلتموني . ثم قال : ما أكاد ألقى أحدا فأرتج عليه شيئا .
1173 - الحسن بن موسى ، أبو علي الأشيب .
سمع شعبة ، ، روى عنه : وحماد بن سلمة أحمد ، . وكان أصله من وأبو خيثمة خراسان فأقام ببغداد وحدث بها ، وولي القضاء بالموصل وحمص ، ثم قدم للرشيد بغداد في خلافة فولاه قضاء المأمون طبرستان ، فتوجه إليها .
فتوفي في الري في هذه السنة .
: كان ثقة يحيى بن معين . قال
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا قال : أخبرنا أحمد بن علي الخطيب القاضي أبو العلاء الواسطي أخبرنا محمد بن العباس بن أحمد بن الفرات ، حدثنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي ، حدثنا أبو أيوب [سليمان بن أيوب] الخياط ، حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال : كان بالموصل بيعة للنصارى [ ص: 202 ] قد خربت ، فاجتمع النصارى إلى الحسن بن موسى الأشيب وجمعوا له مائة ألف درهم على أن يحكم بها حتى تبنى ، فقال : ادفعوا المال إلى بعض الشهود . فلما حضروا الجامع قال للشهود : اشهدوا علي بأني حكمت بأن لا تبنى هذه البيعة . فانصرف النصارى ، ورد عليهم مالهم ، ولم يقبل منهم درهما واحدا والبيعة خراب .
قال الخطيب : إنما فعل ذلك لثبوت البينة عنده أن البيعة محدثة بنيت في الإسلام .
1174 - سعيد بن وهب ، أبو عثمان مولى بني أسامة بن لؤي .
أهل البصرة ، فأكثر القول في الغزل والخمر والمجون ، وتصرف مع كان شاعرا من البرامكة ، وتقدم عندهم ، ودخل على يوما وقد جلس للشعراء فجعلوا ينشدونه ويأمر لهم بالجوائز حتى لم يبق منهم أحد ثم التفت إلى الفضل بن يحيى كالمستنطق له . فقال له : أيها الوزير ، إني ما كنت استعددت لهذه الحال ، ولكن قد حضرني بيتان أرجو أن ينوبا عن قصيدة فقال : هاتهما ، فرب قليل أبلغ من كثير . فقال : سعيد بن وهب
مدح الفضل نفسه بالفعال فعلا عن مديحنا بالمقال
أمروني بمدحه قلت كلا كبر الفضل عن مديح الرجال
وحكي عنه من التحرم واللعب أشياء ، ثم أنه تاب وتنسك وترك قول الشعر ، وخرق جميع ما عنده منه وأحرقه ، وصار كثير الصلاة وحج على قدميه .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال : حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال : حج ماشيا فبلغ منه وجهد ، فقال : سعيد بن وهب
قدمي اعتورا رمل الكثيب وأطرقا الآجر من ماء القليب
رب يوم رحتما فيه على زهرة الدنيا وفي واد خصيب
وسماع حسن من حسن صخب المزهر كالظبي الربيب
فاحسبا ذاك بهذا وأجرا وخذا من كل فن بنصيب
إنما أمشي لأني مذنب فلعل الله يعفو عن ذنوبي
يا أبا عثمان أبكيت عيني يا أبا عثمان أوجعت قلبي
1175 - سعيد بن مسلم بن قتيبة بن مسلم بن عمرو بن الحصين ، أبو محمد الباهلي .
بصري الأصل ، سمع عبد الله بن عون وطبقته . وقد كان سكن خراسان ، وولاه السلطان بعض الأعمال بمرو . قدم بغداد وحدث بها ، روى عنه : ، ابن الأعرابي ، إلا أنه كان لا يبذل نفسه للناس . [ ص: 204 ] وكان عالما بالحديث والعربية
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : أخبرني الأزهري قال : أخبرنا علي بن عمر الحربي قال : أخبرنا حاتم بن الحسن الشاشي ، حدثنا علي بن خشرم قال : حدثني سعيد بن مسلم بن قتيبة قال : خرجت حاجا ومعي قباب وكنائس ، فدخلنا البادية فتقدمت القباب والكنائس على حمير لي ، فمررت بأعرابي محتب على باب خيمة له ، وإذا هو يرمق القباب والكنائس ، فسلمت عليه فقال : لمن هذه القباب والكنائس؟ قال : قلت : لرجل من باهلة قال : تالله ما أظن الله يعطي الباهلي كل هذا ، قال : فلما رأيت إزراءه للباهلية دنوت منه فقلت : يا أعرابي ، أتحب أن تكون لك هذه القباب والكنائس وأنت رجل من باهلة ؟ فقال : لا ها لله .
فقلت : أتحب أن تكون أمير المؤمنين وأنت رجل من باهلة ؟
[قال : لا ها لله . قال : قلت : أتحب أن تكون من أهل الجنة وأنت رجل من باهلة ؟ قال : بشرط] قلت : وما ذلك الشرط؟ قال : أن لا يعلم أهل الجنة أني باهلي .
قال : ومعي صرة دراهم ، فرميت بها إليه فأخذها وقال : لقد وافقت مني حاجة فلما ضمها إليه قلت له : أنا رجل من باهلة ، فرمى بها إلي وقال : لا حاجة لي فيها . فقلت : خذها إليك يا مسكين فقد ذكرت من نفسك الحاجة . فقال : لا أحب أن ألقى الله ولباهلي عندي يد . فقدمت فدخلت على ، فحدثته حديث الأعرابي ، فضحك حتى استلقى على قفاه وقال لي : يا المأمون أبا محمد ، ما أصبرك . وأجازني بمائة ألف درهم .
1176 - عبد الله بن أيوب ، [أبو محمد] التيمي .
من تيم اللات بن ثعلبة ، مدح أحد شعراء الدولة العباسية ، فأمر له بمائتي ألف درهم ، ومدح الأمين . المأمون
أخبرنا ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرني [ ص: 205 ] علي بن أيوب التيمي ، أخبرنا محمد بن عمران الكاتب قال : أخبرني الصولي قال : حدثني عبد الله بن الحسين قال : حدثني البختري ، عن إبراهيم بن الحسن بن سهل قال : كان يتعصب للأوائل من الشعراء ويقول : انقضى الشعر مع ملك المأمون بني أمية ، وكان عمي يقول له : الأوائل حجة وأصول ، وهؤلاء أحسن تفريعا ، إلى أن أنشده يوما الفضل بن سهل عبد الله بن أيوب التيمي شعرا مدحه فيه فلما بلغ قوله :
ترى ظاهر أحسن ظاهر وأحسن منه ما أجن وأضمرا المأمون
يناجي له نفسا تريع بهمة إلى كل معروف وقلبا مطهرا
ويخشع إكبارا له كل ناظر ويأبى لخوف الله أن يتكبرا
طويل نجاد السيف مضطمر الحشا طواه طراد الخيل حتى تحسرا
رفل إذا ما السلم رفل ذيله وإن شمرت يوما له الحرب شمرا
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال : أخبرنا أحمد بن علي قال : أخبرنا قال : أخبرنا أبو الطيب الطبري قال : حدثنا المعافى بن زكريا عبد الله بن منصور الحارثي قال : حدثنا أبو إسحاق الطلحي قال : حدثني عبد الله بن القاسم قال : عشق التيمي جارية عند بعض النخاسين فشكا وجده بها إلى أبي عيسى بن الرشيد فقال أبو عيسى : للمأمون
يا أمير المؤمنين إن التيمي يجد بجارية لبعض النخاسين وقد كتب إلي بيتين يسألني فيهما ، فقال له : ما كتب إليك فأنشده :
يا أبا عيسى إليك المشتكى وأخو الصبر إذا عيل بكى
ليس لي صبر على هجرانها وأعاف المشرب المشتركا
حدث عن يونس بن يزيد ، ومالك بن أنس ، . روى عنه : وشعبة ، أحمد بن حنبل وابن راهويه ، . وعباس الدوري . وكان ثقة صالحا ثبتا
توفي في هذه السنة وقيل : في سنة سبع . وقيل : سنة ثمان .