وقيل : إنما قتل في سنة ثمان وثمانين . وفي هذه السنة : قتل إبراهيم بن محمد [بن عثمان ] بن نهيك .
وسبب قتله : أنه كان كثيرا ما يذكر البرامكة فيبكي حبا لهم ، إلى أن خرج من حد البكاء ودخل في باب طالبي الثأر ، فكان إذا خلا بجواريه فشرب وسكر قال : يا غلام ، سيفي ، فيجيء غلامه بالسيف ، فينتضيه ثم يقول : وا جعفراه ، وا سيداه ، والله لأقتلن قاتلك . فلما كثر هذا من فعله جاء ابنه عثمان إلى فأخبره ، فأخبر الفضل الفضل بن الربيع ، فقال : أدخله . فأدخله فقال : ما الذي قال عنك الفضل ؟ فأخبره بقول أبيه وفعله . فقال الرشيد : فهل سمع هذا أحد معك ؟ قال : نعم ، خادمه . فدعا خادمه سرا فسأله ، فقال : قد قال ذلك غير مرة . فقال الرشيد : ما يحل لي أن أقتل وليا من أوليائي بقول غلام وخصي ، لعلهما تواصيا على هذا . فأراد أن يمتحن إبراهيم ، فقال للفضل : إذا حضر الشراب فادعه ، فإذا شرب خلني وإياه . ففعل ذلك الفضل ، فلما خلا به الرشيد قال : يا الرشيد إبراهيم ، كيف أنت وموضع السر من قلبك ؟ قال : يا سيدي ، أنا كأحسن عبيدك وأطوع خدمك . قال : إن في نفسي أمرا أريد أن أودعك إياه قد ضاق صدري ، وأسهد ليلي . قال : إذا أخفيه أن تعلمه نفسي . قال : ويحك ! قد ندمت على قتل جعفر بن يحيى ندامة ما أحسن أن أصفها ، فوددت أني خرجت من ملكي ، وأنه كان بقي لي ، فما وجدت طعم النوم منذ فارقته ، ولا لذة العيش منذ قتلته . فلما سمعها [ ص: 140 ] إبراهيم أسبل دمعه ، وقال : رحم الله أبا الفضل وتجاوز عنه ، والله يا سيدي لقد أخطأت في قتله . فقال : قم عليك لعنة الله يا ابن اللخناء ! فقام ما يعقل ، فانصرف إلى ابنه فقال : يا بني ، ذهبت والله نفسي . فما كان إلا ثلاث ليال حتى قتل . الرشيد
وفيها حج بالناس عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس .