الوليد عبد الملك بهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهدم بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وإدخالها في المسجد . وفيها أمر
فقدم الرسول إلى في ربيع الأول . وقيل: في صفر - سنة ثمان وثمانين بكتاب عمر بن عبد العزيز الوليد يأمره بإدخال حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن يشتري ما في مؤخره ونواحيه حتى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع ، ويقول له: قدم القبلة إن قدرت ، وأنت تقدر لمكان أخوالك ، فإنهم لا يخالفونك ، فمن أبى منهم فمر أهل المصر فليقوموه قيمة عدل ، ثم اهدم عليهم وادفع لهم الأثمان ، فإن لك في ذلك سلف صدق ، عمر [ ص: 284 ] وعثمان .
فأقرأهم كتاب الوليد وهم عنده ، فأجاب القوم إلى الثمن ، فأعطاهم إياه ، وبدأ بهدم بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يمكث إلا يسيرا حتى قدم الفعلة ، بعث بهم الوليد .
وبعث الوليد إلى صاحب الروم يعلمه أنه أمر بهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن يعينه فيه ، [فبعث إليه] بمائة ألف مثقال من ذهب ، وبمائة عامل ، وبأربعين حملا من الفسيفساء ، فبعث به إلى عمر ، وتجرد عمر لذلك ، واستعمل على ذلك . صالح بن كيسان
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال: أنبأنا الحسن بن علي الجوهري ، قال: أخبرنا [أبو] عمر بن حيويه ، قال: أخبرنا أحمد بن معروف ، قال: حدثنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد الهذلي ، قال: رأيت منازل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هدمها وهو أمير عمر بن عبد العزيز المدينة في خلافة عبد الملك ، فزادها في المسجد ، وكانت بيوتا باللبن ، ولها حجر من جريد مطرود بالطين ، عددت تسعة أبيات بحجرها وهي ما بين بيت إلى الباب الذي يلي باب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل عائشة أسماء بنت حسن بن عبد الله بن عبيد الله ، ورأيت بيت وحجرتها من لبن ، فسألت ابن ابنها ، فقال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة دومة الجندل بنت حجرتها بلبن ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى اللبن فدخل عليها أول نسائه ، فقال: ما هذا البناء؟ قالت: أردت يا رسول الله أن أكف أبصار الناس ، فقال: "يا أم سلمة إن شر ما ذهب فيه مال المسلم البنيان" أم سلمة . قال محمد بن عمر: حدثني معاذ بن محمد الأنصاري ، قال: سمعت في مجلس فيه عطاء الخراساني عمران بن أبي أنس ، يقول وهو فيما بين القبر والمنبر:
أدركت حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرائد النخل ، على أبوابها المسوح من [ ص: 285 ] شعر أسود ، فحضرت كتاب الوليد [بن عبد الملك] يقرأ ، يأمر بإدخال حجر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما رأيت يوما باكيا أكثر بكاء من ذلك اليوم .
قال عطاء: فسمعت يقول يومئذ: والله لوددت أنهم تركوها على حالها فينشأ ناشئ من أهل سعيد بن المسيب المدينة ، ويقدم القادم من الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته فيكون ذلك مما يزهد الناس من التكاثر والتفاخر فيها .
قال معاذ: فلما فرغ من حديثه ، قال عطاء الخراساني عمر بن أنس: كان بينها أربعة أبيات بلبن ، لها حجر من جرائد ، وكانت خمسة أبيات من جرائد مطينة لا حجر لها ، على أبوابها المسوح من الشعر ذرعت الستر [منها] فوجدته ثلاثة أذرع في ذراع ، فأما ما ذكرت من كثرة البكاء فلقد رأيت في مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف ، وخارجة بن زيد بن ثابت ، وإنهم ليبكون حتى أخضل لحاهم الدمع .
وقال يومئذ ليتها تركت فلم تهدم حتى يقصر الناس عن البناء ، ويرون ما رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومفاتيح خزائن الدنيا بيده . أبو أمامة: