القسم الثاني من هذا الأصل : في أخبار الآحاد وفيه أبواب
الباب الأول : في إثبات التعبد به مع قصوره عن إفادة العلم . وفيه أربع مسائل :
مسألة : اعلم أنا نريد بخبر الواحد في هذا المقام ما لا ينتهي من الأخبار إلى حد التواتر . المفيد للعلم ، فما نقله جماعة من خمسة أو ستة مثلا فهو خبر الواحد ، وأما قول الرسول عليه السلام مما علم صحته فلا يسمى خبر الواحد . وإذا عرفت هذا فنقول : ، وهو معلوم بالضرورة فإنا لا نصدق بكل ما نسمع ، ولو صدقنا وقدرنا تعارض خبرين فكيف نصدق بالضدين وما حكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل ; إذ يسمى الظن علما ، ولهذا قال بعضهم : يورث العلم الظاهر والعلم ليس له ظاهر وباطن وإنما هو الظن . ولا تمسك لهم في قوله تعالى : { خبر الواحد لا يفيد العلم فإن علمتموهن مؤمنات } وإنه أراد الظاهر ; لأن المراد به العلم الحقيقي بكلمة الشهادة التي هي ظاهر الإيمان دون الباطن الذي لم يكلف به ، والإيمان باللسان يسمى إيمانا مجازا . ولا تمسك لهم في قوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } وأن الخبر لو لم يفد العلم لما جاز العمل به ; لأن المراد بالآية منع الشاهد عن جزم الشهادة إلا بما يتحقق . وأما العمل بخبر الواحد فمعلوم الوجوب بدليل قاطع أوجب العمل عند ظن الصدق ، والظن حاصل قطعا ووجوب العمل عنده معلوم قطعا ، كالحكم بشهادة اثنين أو يمين المدعي مع نكول المدعى عليه