فصل
ولما كان ، ونيله أشرف المواهب : سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده والثناء عليه ، وتمجيده ، ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم ، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم ، توسل إليه بأسمائه وصفاته ، وتوسل إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما الدعاء ، ويؤيدهما الوسيلتان المذكورتان في حديثي الاسم الأعظم اللذين رواهما ابن حبان في صحيحه ، والإمام علم الله عباده كيفية سؤاله ، أحمد و الترمذي .
أحدهما : حديث عن أبيه قال عبد الله بن بريدة قال " سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو ، ويقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك الله الذي لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فقال : والذي نفسي بيده ، لقد سأل الله باسمه الأعظم ، الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " الترمذي : حديث صحيح .
فهذا توسل إلى الله بتوحيده ، وشهادة الداعي له بالوحدانية ، وثبوت صفاته المدلول عليها باسم الصمد وهو كما قال : " العالم الذي كمل علمه ، القادر الذي كملت قدرته " ، وفي رواية عنه : " هو السيد الذي قد كمل فيه جميع أنواع السؤدد " ، وقال ابن عباس أبو وائل : " هو السيد الذي انتهى سؤدده " ، وقال : هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وأقواله ، وبنفي التشبيه والتمثيل عنه بقوله " سعيد بن جبير ولم يكن له كفوا أحد " وهذه ترجمة ، والتوسل بالإيمان بذلك ، والشهادة به هو الاسم الأعظم . عقيدة أهل السنة
والثاني : حديث أنس فهذا توسل إليه بأسمائه وصفاته . " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، المنان ، بديع السماوات والأرض ، ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال : لقد سأل الله باسمه الأعظم "
[ ص: 48 ] وقد ، ثم جاء جمعت الفاتحة الوسيلتين ، وهما التوسل بالحمد ، والثناء عليه وتمجيده ، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ، فالداعي به حقيق بالإجابة . سؤال أهم المطالب ، وأنجح الرغائب وهو الهداية بعد الوسيلتين
ونظير هذا ، رواه البخاري في صحيحه من حديث دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو به إذا قام يصلي من الليل ابن عباس فذكر التوسل إليه بحمده والثناء عليه وبعبوديته له ، ثم سأله المغفرة . " اللهم لك الحمد ، أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والنبيون حق ، والساعة حق ، ومحمد حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، ولك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وما أعلنت ، أنت إلهي لا إله إلا أنت "