فصل الدهش
وقد تعرض للسالك دهشة في حال سلوكه ، شبيهة بالبهتة التي تحصل للعبد عند مفاجأة رؤية محبوبه . وليست من منازل السلوك . خلافا حيث جعلها من المنازل . بل من غاياتها . فإن هذه الحالة ليست مذكورة في القرآن ولا في السنة ولا في كلام السالكين . ولا عدها أحد من المتقدمين من المنازل والمقامات . ولهذا لم يجد ما يستشهد به عليها سوى حال النسوة مع لأبي إسماعيل الأنصاري يوسف عليه السلام ، لما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن .
فصدر الباب بقوله تعالى فلما رأينه أكبرنه أي أعظمنه .
فإن كان المقصود : ما حصل لهن من إعظامه وإجلاله : فذلك منزلة التعظيم . وإن كان مراده : ما ترتب على رؤيته لهن ، من غيبتهن عن أنفسهن وعن أيديهن ، وما فيها حتى قطعنها : فتلك منزلة الفناء .
وإن كان مقصوده : الدهشة والبهتة التي حصلت لهن عند مفاجأته - وهو الذي قصده - فذلك أمر عارض من عوارض الطريق عند مفاجأة ما يغلب على صبر الإنسان وعقله . ولا ريب أن ذلك عارض من عوارض الطريق ليس بمقام للسالكين ، ولا منزل مطلوب لهم . فعوارض الطريق شيء . ومنازلها ومقاماتها شيء .
فلهذا قال في تعريفه : بهتة تأخذ العبد عند مفاجأة ما يغلب على عقله ، أو صبره ، أو علمه . الدهش
[ ص: 76 ] يشير إلى الشهود الذي يغلب على عقله ، والحب الذي يغلب على صبره ، والحال التي تغلب على علمه .