النزاع في هذه المسألة : أن . فهذا يزول باللقاء . ولكن يعقبه شوق آخر أعظم منه ، تثيره حلاوة الوصل ومشاهدة جمال المحبوب . فهذا يزيد باللقاء والقرب ولا يزول . والعبارة عن هذا : وجوده . والإشارة إليه : حصوله . الشوق يراد به : حركة القلب واهتياجه للقاء المحبوب
وبعضهم سمى النوع الأول : شوقا . والثاني : اشتياقا .
[ ص: 55 ] قال القشيري : سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يفرق بين . ويقول : الشوق يسكن باللقاء . والاشتياق لا يزول باللقاء . قال : وفي معناه أنشدوا : الشوق والاشتياق
ما يرجعالطرف عنه عند رؤيته حتى يعود إليهالطرف مشتاقا
وقال النصراباذي : للخلقكلهم مقام الشوق . وليس لهم مقام الاشتياق . ومن دخل في حال الاشتياق هام فيه حتى لا يرى له فيه أثر ولا قرار .قال الدقاق - في قول موسى وعجلت إليك رب لترضى قال : معناه شوقا إليك . فستره بلفظ الرضا .
وقيل : إن أهل الشوق إلى لقاء الله يتحسون حلاوة القرب عند وروده - لما قد كشف لهم من روح الوصول - أحلى من الشهد . فهم في سكراته في أعظم لذة وحلاوة . وقيل : من اشتاق إلى الله اشتاق إليه كل شيء . كما قال بعضهم : أنا أدخل في الشوق والأشياء تشتاق إلي . وأتأخر عن جميعها . وفي مثل هذا قيل :
إذا اشتاقت الخيل المناهل أعرضت عن الماء فاشتاقت إليها المناهل
يا من شكا شوقه من طول فرقته اصبر لعلك تلقى من تحب غدا