[ ص: 407 ]
فصل المشهد الثاني
مشهد رسوم الطبيعة ولوازم الخلقة : ، وأن تركيب الإنسان من الطبائع الأربع وامتزاجها واختلاطها كما يقتضي بغي بعضها على بعض وخروجه عن الاعتدال بحسب اختلاف هذه الأخلاط فكذلك تركيبه من البدن والنفس والطبيعة والأخلاط الحيوانية تتقاضاه آثار هذه الخلقة ورسوم تلك الطبيعة ، ولا تنقهر إلا بقاهر إما من نفسه وإما من خارج عنه ، وأكثر النوع الإنساني ليس له قاهر من نفسه فاحتياجه إلى قاهر فوقه يدخله تحت سياسة وإيالة ينتظم بها أمره ضرورة كحاجته إلى مصالحه من الطعام والشراب واللباس . كمشهد زنادقة الفلاسفة والأطباء الذين يشهدون أن ذلك من لوازم الخلقة الإنسانية
وعند هؤلاء أن العاقل متى كان له وازع من نفسه قاهر لم يحتج إلى أمر غيره ونهيه وضبطه .
فمشهد هؤلاء من حركات النفس الاختيارية الموجبة للجنايات كمشهدهم من حركات الطبيعة الاضطرارية الموجبة للتغيرات وليس لهم مشهد وراء ذلك .