الفصل الثاني : في الخنصر : وهو على ظاهره ، إذ ليس في حمله على ذلك ما يحيل صفاته ، وأن الخنصر كالإصبع ، والإصبع كاليد ، وقد جاز إطلاق اليدين ، كذلك ها هنا يجب أن يجوز لا على وجه التبعيض والعضو .
فإن قيل : هذا الحديث ضعيف ، ذكره حماد ، عن ، ولم يروه غيره عنه من أصحابه ، وقال بعضهم : إن حمادا كانت له خرجة إلى عبادان ، وإن ثابت ابن أبي العوجاء الزنديق أدخل على أصوله ألفاظا وأحاديث احتملها في آخر عمره ، فرواها بغفلة ظهرت فيه .
قيل : هذا حديث صحيح رواه الأثبات منهم : أحمد وهو المعول عليه في الجرح والتعديل ، ممن أثنى عليه وحماد بن سلمة أحمد ، وأخرج عنه حديثا مسندا في الصحيح ، ويجب ألا يلتفت إلى مثل هذا الكلام لأن القائل له يقصد بذلك رد أحاديث الصفات ، وقد قال الأئمة من العلماء : إن أثبت الناس في البخاري ثابت البناني [ ص: 336 ] فإن قيل : المراد بالخنصر الشيء اليسير من آياته فذكر الخنصر وضرب المثل به ، لا أنه جعل له خنصر . حماد بن سلمة
قيل : هذا غلط ، لأنه لو كان المراد ذلك لم ينكره حميد ، ولا أنكره عليه ثابت ، ولا احتج عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ، لأن آيات الله لا تنكر ، فثبت أن المراد بذلك صفة ذات وجواب آخر : وهو أنه إن جاز حمل الخنصر على الشيء اليسير من آياته ، جاز حمل التجلي للجبل على إظهار بعض آياته للجبل حتى جعله دكا ، وكذلك جاز حمل قوله : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه ) على أنه أمر بعض ملائكته بكلامه لا أنه كلمه بنفسه ، وقد أجمعنا ومثبتو الصفات على أنه تجلى بذاته للجبل ، وكلم موسى بنفسه ، كذلك ها هنا ، كما وجب حمل اليد التي خلق بها آدم [ ص: 337 ] . يجب أن يحمل الخنصر على أنها صفة لذاته