السؤال
امرأة قالت إن ملابسها بعد وفاتها توزع على أخواتها - ولسن من الورثة- وأن يخترن منها ما يردن، ثم يوزع الباقي على المحتاجين، ثم توفيت.
فهل هذه تعتبر وصية؟
وهل إذا أخذ الورثة شيئا من ملابسها يأثمون بذلك؟
وإذا أخذ أحد الورثة شيئا من ملابسها لنفسه، أو تصرف فيه بأن أهداه لغيره. فهل يجوز إخراج قيمته للمحتاجين؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه المرأة أهلا للتصرف، وصرحت بتمليك ملابسها بعد موتها لأخواتها، وهن غير وارثات، فهي وصية صحيحة نافذة، إذا كانت هذه الملابس لا تتعدى ثلث التركة، وإلا فما زاد على ثلث التركة لا ينفذ إلا برضا الورثة.
والوصية إذا صحت، وجب على الورثة إنفاذها، وحرم عليهم إبطالها، أو تغييرها؛ لقول الله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {البقرة:181}.
قال القرطبي في تفسيره: الضمير في: إثمه- عائد على التبديل، أي إثم التبديل عائد على المبدل، لا على الميت، فإن الموصي خرج بالوصية عن اللوم، وتوجهت على الوارث، أو الولي، وقيل: إن هذا الموصي إذا غير، فترك الوصية، أو لم يجزها على ما رسم له في الشرع، فعليه الإثم. اهـ.
وقال ابن كثير في تفسيره: فمن بدل الوصية، وحرفها، فغيَّر حكمها، وزاد فيها، أو نقص -ويدخل في ذلك الكتمان لها بطريق الأولى: فإنما إثمه على الذين يبدلونه ـ قال ابن عباس، وغير واحد: وقد وقع أجر الميت على الله، وتعلق الإثم بالذين بدلوا ذلك. اهـ.
والوصية تلزم بمجرد قبول الموصى له بعد موت الموصي، فيثبت له ملكها، سواء قبضها، أو لم يقبضها.
وراجعي في ذلك الفتويين: 129198، 179167.
وعلى ذلك، فإذا أخذ أحد الورثة شيئا من الملابس الموصى بها لنفسه، أو تصرف فيها لغيره، فقد تعدى على حق الموصى لهن -أخوات المرأة- ولا يجزئه أن يخرج قيمة الملابس للمحتاجين، وإنما عليه أن يستحل من الموصى لهن، فإن أحللنه، وإلا رد إليهن الملابس، أو قيمتها إن فاتت بالتصرف فيها.
والله أعلم.