[ ص: 493 ] باب ، والاختلاف في ذلك قتل النساء والولدان من أهل الشرك وقتل الولدان - اختلاف أهل العلم - حديث الصعب بن جثامة - حجة الطائفة الأولى - حجة الطائفة الثانية - ماذا قال النهي عن المثلة - حجة الفريق الثالث - حديث لا يقتلن ذرية ولا عسيفا - حديث الشافعي ابن كعب - رأي في المسألة - مناقشة للآراء . الشافعي
أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي ، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب ، أخبرنا محمد بن علي ، أخبرنا أخبرنا محمد بن إبراهيم ، المفضل بن محمد ، أخبرنا محمد بن موسى ، حدثنا قال : سمعت موسى بن طارق يذكر عن سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد ، عن أبيه أنه قال : سليمان بن بريدة ، . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا بسم الله ، تقاتلون من كفر بالله ، اغزوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا
وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب على ثلاثة أوجه :
فطائفة ذهبت إلى منع قتال النساء والولدان مطلقا ، ورأت حديث الصعب بن جثامة - وسيأتي ذكره - منسوخا .
وذهبت طائفة إلى جواز قتلهم مطلقا ، ورأت حديث بريدة الذي ذكرناه وحديث الأسود بن سريع - ويأتي ذكره - منسوخا .
وطائفة ثالثة فرقت وقالت : إن كانت المرأة تقاتل جاز قتلها ، ولا يجوز قتلها صبرا ، وكذا في الولدان قالوا : إن كانوا مع آبائهم وبيتوا [ ص: 494 ] جاز قتلهم ولا يجوز قتلهم صبرا ، وقد تمسكت كل طائفة بحديث ، ونحن نورد بعضها مختصرا :
أخبرنا محمد بن علي بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن أحمد ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان ، أخبرنا أخبرنا دعلج بن أحمد ، محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، حدثنا سفيان ، عن عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، الصعب بن جثامة ، قال : . سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو سمعته سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم ، قال : هم منهم
هذا حديث صحيح ثابت ، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه .
وقالت الطائفة الأولى : حديث بريدة كان في أول الأمر ، وقصة حديثه تدل على ذلك ، فأما حديث الصعب فالمشهور أنه كان في عمرة القضية ، وذلك بعد الأول بزمان ، فوجب المصير إليه .
وأما الطائفة الثانية التي رأت حديث الصعب منسوخا ، فحجتهم ما أخبرنا محمود بن أبي القاسم بن عمر ، عن أخبرنا طراد بن محمد الزينبي ، أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن ، حامد بن محمد الهروي ، أخبرنا حدثنا علي بن عبد العزيز ، أبو عبيد ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا عن يونس بن عبيد ، الحسن ، عن الأسود بن سريع ، قال : . كنت مع رسول الله [ ص: 495 ] - صلى الله عليه وسلم - في غزاة فأصاب الناس ظفرا حتى قتلوا الذرية ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا لا تقتلن ذرية ، ألا لا تقتلن ذرية
أخبرنا محمد بن علي بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن الحسن في كتابه ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أخبرنا دعلج ، أخبرنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، حدثنا سفيان ، عن عن ابن الزهري ، عن عمه ، قال : كعب بن مالك ، ابن أبي الحقيق . نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والولدان إذ بعث إلى
وممن كان يذهب إلى هذا القول : وكان يقول : حديث سفيان بن عيينة ، الصعب بن جثامة منسوخ ، ورواه عن . الزهري
قال أخبرنا الشافعي عن ابن عيينة ، وذكر حديث الزهري ، الصعب ، وقال : أخبرنا عن ابن عيينة عن الزهري ، ابن كعب بن مالك ، عن عمه ، وذكر الحديث ، قال : فكان الشافعي سفيان يذهب إلى أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : هم منهم إباحة لقتلهم ، وإذن منه ، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له .
وقال : كان إذا حدث حديث الزهري الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب .
وأما الطائفة الثالثة قالت : ، وفي هذا الباب ممكن كما ذكرناه ، ثم حديث مهما أمكن الجمع بين الأحاديث تعذر ادعاء النسخ رباح بن الربيع يدل على ذلك .
أخبرني محمد بن علي بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، أخبرنا الحسن بن [ ص: 496 ] أحمد ، أخبرنا دعلج ، أخبرنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، حدثنا عن مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ، أبي الزناد ، حدثني مرقع بن صيفي ، أخبرني جدي رباح بن الربيع أخو حنظلة الكاتب ، أنه فمر خالد بن الوليد ، رباح وأصحابه على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة ، فوقفوا عليها يتعجبون منها ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته ، فلما جاء انفرجوا عن المرأة ، فوقف عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنظر إليها ، فقال : أكانت هذه تقاتل ؟ ألم تكن في وجوه القوم ؟ ! ثم قال لرجل : الحق خالدا ؛ فلا يقتلن ذرية ولا عسيفا . كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة على مقدمة
وقد بين ما أبهم من هذه الأحاديث ولخصها . الشافعي
أخبرنا طاهر بن محمد بن طاهر ، عن أحمد بن علي بن عبد الله ، أخبرنا أخبرنا الحاكم أبو عبد الله ، أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا أخبرنا الشافعي ، عن ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، أخبرني ابن عباس ، الصعب بن جثامة ، أنه . سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : هم منهم
وعن سفيان ، عن عن الزهري ، ابن كعب بن مالك ، عن عمه ، ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والولدان . قال : فكان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث إلى سفيان يذهب إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هم منهم ، أنه إباحة لقتلهم ، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له ، قال : وكان إذا حدث بحديث الزهري الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب بن مالك .
قال : حديث الشافعي الصعب كان في عمرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان في عمرته الأولى فقد قتل ابن أبي الحقيق قبلها ، وقيل في سنتها ، وإن كان في عمرته الآخرة فهي بعد أمر ابن أبي الحقيق من غير شك ، والله أعلم .
[ ص: 497 ] قال رضي الله عنه : ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان ، ثم نهى عنه ، ومعنى نهيه عندنا - والله أعلم - عن قتل النساء والولدان ، أن يقصد قصدهم بقتل وهم يعرفون متميزين ممن أمر بقتله منهم ، ومعنى قوله : منهم ، أنهم يجمعون خصلتين أن ليس لهم حكم الإيمان الذي يمنع به الدم ، ولا حكم دار الإيمان الذي يمنع به الغارة على الدار ، وإذا الشافعي أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - البيات والغارة على الدار ، فأغار على بني المصطلق غارين ، والعلم يحيط أن البيات والغارة إذا حلا بإحلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يمتنع أحد بيت أو أغار من أن يصيب النساء والولدان ، فيسقط المأثم فيهم والكفارة والعقل والقود عمن أصابهم ، إذا أبيح أن يبيت ويغير وليس لهم حرمة الإسلام ، ولا يكون له قتلهم عامدا لهم متميزين عارفا بهم ، وإنما ؛ لأنهم لم يبلغوا كفرا فيعملوا به فيقتلوا به ، وعن قتل النساء ؛ لأنه لا معنى فيهن لقتال ، وأنهن والولدان يتخولون فيكونون قوة لأهل دين الله - عز وجل - . نهى عن قتل الولدان
قال : فإن قال قائل : أبن هذا بغيره . قيل : فيه ما اكتفى العالم به من غيره .
فإن قال : أفتجد ما تشده به ؟ قلت : نعم ؛ قال الله تعالى : ( وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ) قال : فأوجب الله لقتل المؤمن خطأ الدية وتحرير الرقبة ، وفي قتل ذي الميثاق الدية وتحرير رقبة ؛ إذ كانا معا ممنوعي الدم بالإيمان والعهد والدار معا ، وكان المؤمن في الدار غير الممنوعة وهو ممنوع بالإيمان ، فجعلت فيه الكفارة بإتلافه ، ولم يجعل فيه الدية وهو ممنوع الدم بالإيمان ، فلما كان الولدان والنساء من المشركين لا ممنوعين بإيمان ولا دار ؛ لم يكن فيهم عقل ، ولا قود ، ولا دية ، ولا مأثم ، ولا كفارة ، إن شاء الله - عز وجل - .