وقال القاسم بن الفضل : حدثنا عمرو بن مرة ، عن ، قال : دعا سالم بن أبي الجعد عثمان ناسا من الصحابة فيهم عمار ، فقال : إني سائلكم وأحب أن تصدقوني ، نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشا على سائر الناس ، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش ؟ فسكتوا ، فقال : لو بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوها .
وعن أبي وائل أن عبد الرحمن بن عوف كان بينه وبين عثمان كلام ، فأرسل إليه : لم فررت يوم أحد وتخلفت عن بدر وخالفت سنة عمر ؟ فأرسل إليه : تخلفت عن بدر ؛ لأن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شغلتني بمرضها ، وأما يوم أحد فقد عفا الله عني ، وأما سنة عمر فوالله ما استطعتها أنا ولا أنت .
وقد كان بين علي وعثمان شيء فمشى بينهما العباس ، فقال علي : والله لو أمرني أن أخرج من داري لفعلت ، فأما أداهن أن لا يقام بكتاب [ ص: 187 ] الله فلم أكن لأفعل .
وقال سيف بن عمر ، عن عطية ، عن يزيد الفقعسي ، قال : لما خرج ابن السوداء إلى مصر نزل على كنانة بن بشر مرة ، وعلى سودان بن حمران مرة ، وانقطع إلى الغافقي فشجعه الغافقي فتكلم ، وأطاف به خالد بن ملجم ، وعبد الله بن رزين ، وأشباه لهم ، فصرف لهم القول ، فلم يجدهم يجيبون إلى شيء ما يجيبون إلى الوصية ، فقال : عليكم بناب العرب وحجرهم ، ولسنا من رجاله ، فأروه أنكم تزرعون ، ولا تزرعوا العام شيئا حتى تنكسر مصر ، فتشكوه إلى عثمان فيعزله عنكم ، ونسأل من هو أضعف منه . ونخلو بما نريد ، ونظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وكان أسرعهم إلى ذلك ، وهو ابن خال محمد بن أبي حذيفة معاوية ، وكان يتيما في حجر عثمان ، فكبر ، وسأل عثمان الهجرة إلى بعض الأمصار ، فخرج إلى مصر ، وكان الذي دعاه إلى ذلك أنه سأل عثمان العمل ، فقال : لست هناك .
قال : ففعلوا ما أمرهم به ابن السوداء ، ثم إنهم خرجوا ومن شاء الله منهم ، وشكوا عمرا واستعفوا منه ، وكلما نهنه عثمان عن عمرو قوما وسكتهم انبعث آخرون بشيء آخر ، وكلهم يطلب فقال لهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، عثمان : أما عمرو فسننزعه عنكم ونقره على الحرب ، ثم ولى ابن أبي سرح خراجهم ، وترك عمرا على الصلاة . فمشى في ذلك سودان ، وكنانة بن بشر ، وخارجة ، فيما بين عبد الله بن سعد ، ، وأغروا بينهم حتى تكاتبا على قدر ما أبلغوا كل [ ص: 188 ] واحد ، وكتبا إلى وعمرو بن العاص عثمان ، فكتب ابن أبي سرح : إن خراجي لا يستقيم ما دام عمرو على الصلاة ، وخرجوا فصدقوه واستعفوا من عمرو ، وسألوا ابن أبي سرح ، فكتب عثمان إلى عمرو : إنه لا خير لك في صحبة من يكرهك فأقبل ، ثم جمع مصر . لابن أبي سرح
وقد روي أنه كان بين ، وبين عمار بن ياسر عباس بن عتبة بن أبي لهب كلام ، فضربهما عثمان .
وقال سيف ، عن مبشر ، وسهل بن يوسف ، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، قال : قدم من عمار بن ياسر مصر وأبي شاك ، فبلغه ، فبعثني إليه أدعوه ، فقام معي وعليه عمامة وسخة وجبة فراء ، فلما دخل على سعد قال له : ويحك يا أبا اليقظان ، إن كنت فينا لمن أهل الخير ، فما الذي بلغني عنك من سعيك في فساد بين المسلمين والتأليب على أمير المؤمنين ، أمعك عقلك أم لا ؟ فأهوى عمار إلى عمامته وغضب فنزعها ، وقال : خلعت عثمان كما خلعت عمامتي هذه ، فقال سعد : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ويحك حين كثرت شيبتك ورق عظمك ونفد عمرك خلعت ربقة الإسلام من عنقك وخرجت من الدين عريانا ، فقام عمار مغضبا موليا وهو يقول : أعوذ بربي من فتنة سعد ، فقال سعد : ألا في الفتنة سقطوا ، اللهم زد عثمان بعفوه وحلمه عندك درجات ، حتى خرج عمار من الباب ، فأقبل علي سعد يبكي حتى أخضل لحيته ، وقال : من يأمن الفتنة يا بني ، لا يخرجن منك ما سمعت منه ، فإنه من الأمانة ، وإني أكره أن يتعلق به الناس عليه يتناولونه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحق مع عمار ما لم تغلب عليه دلهة الكبر " فقد دله وخرف .